Sunday 23 December 2012

لست منكم

يسير مجتمعنا جمعًا في قطيعٍ ضخم، قطيعٌ يتميز بقدرته الجبارة على التكيف مع كل أنواع التعذيب التي يعرضها له السيد الراعي، قطيعٌ مميزٌ يتغنى ليلَ نهارٍ بكونه تميز عن بقية الحيوانات التي خلقها الله بالعقل الذي يميز به بين الصواب والخطأ.
ذلك القطيع الذي يرغب بكل حواسه وغرائزه عن الظلم والغش والفساد والاستعباد والقهر والإستبداد ويرقى بكل حواسه لهذا العقل.. الذي نؤمن جميعا أنه أكرم ما فينا ولا يجب علينا أن نهينه ونحط من قدره بأي شكلٍ من الأشكال.
ليس قطيع غنم يهشه الراعي بعصاه يمنة ويسرة ويرضخ للظروف القاسية في سبيل أن يقتات على حشائش الأرض ولكن بطريقة ما يقوده راعي، وبطريقة أخرى يهشه يمنة ويسرة، وبطريقة ما يقتات على ما يعد حشائش نظرا لما يأكله فضيلة الراعي؛ لكن ليسوا غنمًا! إطلاقا!
قطيع الغنم يتميز عنهم بأنه يصدر صوتا واحدا لا صوت غيره يعبر به عن ألمه وحزنه وعدم رضاه وشبعه وجوعه وعطشه أما نحن فنختلف! قطيع مجتمعنا لا يصدر أي صوت، يسمح للجهات الرسمية أن تمسك بعقولنا وتمتص كل ذرة عقلٍ فيها حتى آخر قطرة ويسكت طمعا في أن يكون المستقبل أفضل فيسكت إن لم يشبع ويقول في نفسه أنه سيشبع غدا وإن لم يَسعَد يقول سنسعد لاحقًا وإن تألم يقول سنشفى بعد حين وإن لم يرضى يقول سنرضى يومًا ما! ولا يأتِي يومٌ ما في أي يومٍ من أيام الله فيسكت ويقول: عند الله!
نحن متميزون! بحقٍّ نحن متميزون! يجدر بنا أن نأخذ جائزة نوبل في التميز بمجرد خروجنا من منظومة الإفساد التي يوضع فيها كل فرد من أفراد مجتمعنا الحر الأبي.. الثائر!

هل عرفتم ما أقصد؟ في الحقيقة دائما أنشغل وأنا أكتب بفهمكم أيها السادة! هل سيفهمون ما أقصده بحديثي المبطن أم أنهم سيضحكون في مواضع السخرية ويكتفون بإبداء إعجابهم بالفكرة أو الطريقة أو الأطروحة وينطلقون كما هم.. غير مستوعبين لما أقصده وكل منهم يظن أنني أوافقه في الرأي ولا أختلف معه مطلقا؟ صدقا هل عرفتم ما أقصد؟
هل عرفتم أنني أقصد أن مجتمعنا يتعامل مع البشر على أنهم قطيع غنم يمكن للراعي أن يسوقه لأي مكانٍ شاء؟ هل فهمتم أن الراعي وغدٌ لا يفقه شيئا من دنيا أو دين؟ هل فهمتم أن عقلنا هذا بريء منا بعد كل ما فعلناه؟ هل عرفتم أننا حين نتحدث عن كرامتنا فوق الحيوانات نكون في وادٍ والكرامة في وادٍ آخر؟ هل تفتق ذهن أي منكم عن تلك التفاهات التي امتلأ عقله بها طوال حياته وقال في نفسه: (نعم! عقلي لم يفعل شيئا منذ مدة!)؟ هل فكر أي منكم في التعليم القذر؟ هل فكر أي منكم في منظومة قلة الأدب الجامحة المرتبة؟ هل ذهبتم بتفكيركم لتلك المرات التي رددتم فيها متسائلين: (الامتحان من فين لفين؟)؟ هل راحت عقولكم نحو المرات التي قلتم فيها: (أيوة!! ذاكرت!!)؟
هل رأيتم القطيع؟ هل فهمتم كيف العقل منهم براء؟ هل قلتم في أنفسكم أني قليل الأدب كوني أقول ما أقول؟ هل عرفتم عمن أتحدث؟ هل عرفتم من أنتم فعلا؟
أنا لست منهم!! وأمثالي كُثُر!

Friday 7 December 2012

أشتاتًا أشتوت!


العرب كانت قديما تمارس طقسا غريبا إذا نزلت منزلا من الصحراء حال سفرها، كانوا يتسعيذون بكبير الجان في المكان من بقية الجان فيه! كنوع من أنواع التقدير والاحترام ولأنهم كانوا يعتقدون أنهم بفعلهم ذاك يتقون شر الجان وأن الجني الكبير سينهر صغار الجن إن قرروا أن يعبثوا مع هؤلاء الذين استعاذوا بعظمته وقوته وسلطته على الجن.

ما أريد أن أقوله: هل نحن بحاجة لأن نستعيذ بحمدين والبرادعي لكي يعيذوا مصر من شر من نزلوا يوقظون نارا أخمدها السيد الرئيس محمد مرسي عن طريق حكمته وحنكته السياسة العظيمة التي تجلت في إعلانه الدستوري الذي بحسب كلام أحد الأصدقاء المنتمين للجماعة (هيتلغي بعد تسع تيام من الاستفتاء)؟! أم أننا يجب أن نستعيذ بروح الشهيد جيكا لكي ينهرهم عن النزول والحول دون أن تتحول سلطة رئيس الجمهورية إلى سلطة الحاكم بأمرِ الله؟ أم ربما يجدر بنا أن نستعيذ بروح خالد سعيد وشهداء الحرية في جمعة الغضب كي يطالبوا الثوار اليوم بأن لا يقلقوا من كون رئيس مصر الثورة يمتلك نفس امتيازات الرئيس الذي خلعوه بدمائهم؟!
يُقال أن الاستعاذة بعمرِو بن موسى قد تشكل فارقا كونه فجأة وبدون سابق إنذار انضم بسيجارهِ الكوبي وبدلته السينييه إلى صفوف الثوار وبين يومٍ وليلة وجدناه يقف جنبا إلى جنب بجوار شخص كنا نعده يوما "واحد مننا" وآخر كان مِن مَن أشعلوا شرارات الثورة! وربما يكون لأحمد شفيق نفس امتيازات عمرو كونه من القلة الذين صَرَّحُوا في يومٍ من الأيام أنه: (مفيش حاجة في المتسابة)! أو ربما يُعيذنا السيد البدوي بعد تلك الصفعة التي تلقاها في التحرير! أو ربما نجد معيذا في السيد ولي العهد سابقا جمال محمد حسني السيد مبارك مفجر ثورة الشباب في مصر! أو ربما يكون المعيذ هو حسين! أين حسين؟!
 لا أدري! أشياء كثيرة أرانا يَجِبُ أن نُعاذَ منها لكني لا أستطيع أستطيع أن أكون متأكدا من أن الاستعاذة بأي من الأشخاص السابق ذكرهم سيكون فيها عوذنا!
ما أنا متأكد منه هو التالي: أنا نعوذ بالله! ولا أعتى من غضب الله! 

Friday 30 November 2012

لازم نفهم صناعة المخلل في مصر

المصريون مشهورون بحبهم الشديد للمخلل! يمكنك أن تلمسَ هذا الحبَّ إن وقفت في الصباحِ بجانبِ أيٍّ من محال الفول -التي لا أكثر منها في بلادنا- واستمعت للناس وهم يقولون (زود المخلل الله يخليك). الرائحةُ النفاذةُ التي من شأنها أن تفتحَ شهيةً أغلقتها ديكتاتورية السنين، الطعمُ المتفردُ المتميزُ الذي يلعب بكافة مستشعراتِ الذوق في اللسان، النكهةُ الحريفةُ في بعض أنواعه التي تستمتع بها رغم أنها ستتسبب في إدماعِ عينيك الشرهتين وأسبابٌ أخرى أدت لتأصلِ حبِّ المصريين لِلمُخَلَّل ولكني بدأت أرى في الآونة الأخيرة أن ما يستهوي المصريين أكثر من أكل المخلل هو صنع المخلَّل نفسه! فهم كما يصنعون مُخَلَّلَ الخيارِ والفلفلِ والجزرِ وغيرها يتميزون بشكل فريدٍ في صنعِ الديكتاتورِ المخلل! نعم الديكتاتور المخلل! وَصفَتُهُ ليست بتلك الصعوبة يمكنني إيجازها لك في سطور:
يتطلب الأمر صبرا شديدا، ألقابًا قويةً ستطلقها على من تريد تخليلَه... ألقابٌ قويةٌ مثل: (الزعيمُ القائد، الرئيسُ المؤمن، يوسفُ هذا العصر، المناضلُ الثوري، الراجل اللي مفيش أحسن منه) وفورَ خروجِ قراراتهِ الجهبذيةِ ستبدأ بالتصفيق فورا ولا مانع من التصفيق قبل خروجها فإن هذا الزعيم لن يخرج إلا بقرارٍ رائعٍ وعظيمٍ مثله. عليك أن تُشيدَ بكل ما يفعله! عليك أن تصفق إن ضحك وإن بكى وإن ربط جزمته وإن مسح نظارته وإن تفقد ساعته وإن تمخط في منديل وإن تمخط في كم القميص وحتى إن استأذن للدخول للحمام عليك أن تصفق وتشيدَ بتواضعه إذْ قام هذا العظيم بنفسه وَذَهَبَ إلى الحمام! تذكر أن المخلل يجب أن يحفظ في درجة حرارة معينة بعيدا عن أي عواملِ ضغطٍ أو حرارةٍ مرتفعةٍ أو أي عبثٍ بالسائلِ الذي سيحفظُ فيه ويجب أن يُحفظ لفترة زمنية طويلة! انتبه من هؤلاء الذين يريدون جعلها 4 سنوات فقط فإنهم سيفسدون طبختك. انتظر خروج تلك البكتيريا الضارة التي ستتجرأ وتقوم بالاعتراض على إحدى الدرر الخارجة من فم هذا العظيم الجهبذ الذي يجب عليهم أن ينحنوا احتراما له، وفور أن يخرجوا لك ابدأ بتخوينهم وقتالهم وسبهم ولعنهم وتكفيرهم وإخراجهم من كافة الملل والعقائد السماوية والأرضية ولا تنسَ أن تعدهم بجهنم يصلونها وبئس المصير، إذ إنهم قد عارضوا شخصا يصلي في المسجد ويحفظ القرآن وعلى جبهته ما نسميه "زبيبة" من أثر السجود!
مخلل الديكتاتور يتميز عن غيره بأن طعمه فيه مرارة غريبة، أعد قراءة الوصفة وحاول اكتشاف السبب وراء كونه مرا لهذه الدرجة وحدد كمصري إن كنت تريد صنعه مرة أخرى أم لا!

Thursday 22 November 2012

رائحة الموت

لا أظنه للقلوب الضعيفة! تلك التي تهتز دمعاتها بعد أن تسمع خبر أحدهم! أغلق الصفحة إن كنت منهم!

توقف خبر الموت عن تشكيل فارق بالنسبة لإفرازات دماغي منذ فترة ليست قصيرة. أول مرة كانت غريبة! السؤال الذي لا يتوقف عن الإشعاع داخل عقلك ليشكل لك ارتباكا عظيما وشعورا قويا بالضعف الشديد السؤال الذي نثبت نحن البشر أنه لم يتوقف عن الرن داخل آذاننا حين نصرخ (لا إله إلا الله) ونحن نذكر الفقيد؛ ولكن بعد أول مرة تبدأ في البكاء في الثالثة تتخذ أساليبا جديدة تماما وتبدأ تعتاد الأمر.
يأتيك الخبر.. تقول في نفسك السؤال المعتاد وتكرر على الملأ أن (لا إله إلا الله) وتعقد العزم أنك ستتمالك نفسك هذه المرة، ستقف لتصلي عليهم ولن تنهار مع أول تكبيرة، تعاهد نفسك أنك ستتماسك! إن لم يكن لأجل الفقيد فلأجل أهله تنظر في أعين الحاضرين فتشعر بالفراغ الشديد فيها تلمس التبلد الذي أصاب الوجوه وليس تبلدا ناتجا عن برودة مشاعر بل تبلدٌ ناتجٌ عن مشاعرَ احترقت بشدة حتى لم تترك وراءها رمادا حتى.
إلى أن تحين ساعة الحقيقة ويبدأ الإمام بتذكيرك أن لا تبكي، فتبكي! ويذكرك ألا تسخط، فَأَسَفًا تَسخَط! وتذكيرك بالدعاء لهم.. فتتمالك نفسك وتدعو! من أعماق أعماقك تدعو! الاختناق الذي يصاحب كل كلمة تلفظها، الأنفاس المتتابعة المتسارعة التي تبقيك على قيد الحياة كي تستمر في الدعاء، استمرارك في التفكير أنك تحلم وأن ما يحدث مستحيل وأنك حين تمسح دموعك وتلعب في عينك قليلا ستقوم من على سريرك لتذهب إليهم وتحتضنهم وتذكرهم أن يعملوا لهذا اليوم، ردود أفعال لا توصف لفعل يسميه البشر "سنة الحياة".

إنها ليست سنة الحياة كما يقولون، رائحة الموت التي تجتاح المقابر وكل تفصيلة فيها! الآلات الحدباء التي لا يمكنك أن تحيد بتفكيرك عن أنك ستُحمل عليها يوما ما، الصراخ الذي لا يمكنه أن ينقطع، البحلقة! نعم! تلك العيون التي يمكنك أن تلمس أنها لا تشاركك الحزن وحسب بل تشاركك كل معاني الألم والتساؤل والانزعاج! تشاركك في الاستغراب، تشاطرك الرغبة في الحصول على إجابات، تتعاطف معك، عيون يمكنك أن ترى من الهالات تحتها أن دموعها جفت! تلك الرهبة التي يقشعر لها جسدك بمجرد أن ترى جسدا كنت في يوم تمازحه يُقاد نحو حفرة ضيقة لا ماء فيها ولا هواء، الأم الثكلى والأب المكلوم والإخوة المصدومون والأصدقاء المرتعبون والمحبون! المحبون الذين خططوا مع من صليت عليهم لسبعين وربما مائة سنة قادمة، الصدمة على وجوهمم لا تقول أن ما يحدث "سنة حياة" بل تقول أن البقاء للأقوى والأقوى ليس أي أحدٍ غير الله جل وعلا!

حملت ثلاثة أصدقاء نحو لحدهم،  في كل مرة كنت أستغرب أنني لم أُصَب بانهيار عصبي في التو واللحظة، كيف ما أزال واقفا وما زالت عيوني ترتعش ولا تغتسل بدموعها، في كل مرة كنت أردد أن (لا إله إلا الله)، في كل مرة.... كنت أدخل المسجد لأستنشق رائحة الموت وأبدأ في طقوس الحزن التي لن يتمكن البشر من فهم مسبباتها يوما وفي كل مرة كنت أقول في نفسي (هيتقلب إزاي في الزنقة دي)!

غرفة الأستاذ هيثم ومدونة جود ورسائل أميرة، يجعلونني أتأكد لا حقا أنها ليست "زنقة" لهم كما يظن عقلي المحدود!
رحم الله أمواتنا وأمواتكم!

Sunday 11 November 2012

الشَّفَكَةُ

الطريقة التي يتحدث بها الإعلاميون الذين يفترض بنا أن نصدق أنهم ينتمون لشارعنا المصري والعربي هي طريقة مثيرة للشفقة لأكثر من طرف في منظومة الإعلام، ولا أتحدث فقط عن أحلامهم الوردية غير الواقعية بالمرة التي لا يستحون من مشاركتها أمام الملأ ولا حتى عن توجهاتهم البادية في كل ما يطلبون من السلطة ومن الشعب بل أتحدث بشكل أساسي عن اللغة التي لم يعبثوا فقط بمخارج حروفها بل تطور الأمر فصاروا يعبثون بقواعد النحو فيها ومن تلك النقطة انطلقوا حتى للعبث بإعراب آيات القرآن وعبثوا بالمعاني أيما عبث.
لا أعلم حقيقة إن لم تكن اللغة هي أول ما يهم في اختيار الإعلاميين فما هو هذا العامل القوي الذي بسببه دُفع بلميس الحديدي لتقول على الهواء مباشرة (إحنا لسنا قادرون على فهم اللي حضرتك بتقوله) لأن هذا العامل عليه أن يكون قويا جدا لدرجة تجعلنا نتجاوز عن عمرو أديب وهو ينطق آية من القرآن كالتالي: (إنما يَخشى اللهُ من عباده العلماء).
إن تفريط مجتمعٍ في لغته هو أسوأ ما قد يصيبه ويجب أن يكون شغل المثقفين في عالمنا العربي في الفترة القادمة هو بشكل أساسي العمل على إحياء علوم اللغة والتأكيد على عظمة هذه اللغة لأننا إن وصل بنا الحال للتفريط في اللغة العربية سنجد أنفسنا نفرط في أشياء كثيرة دون أن نشعر.

مَساءُ الخير

Tuesday 6 November 2012

الأفورة في شعوب مِتحَرَّرة

الــأَڤوَرَة: صيغة شائعة بين مجتمع الشباب في مصر يعبرون بها عن وصول شيء ما لحد مبالغٍ فيه وفي رواية أخرى (إن أوڤر معناها زائد عن الحد وكدزا) وهي مشتقة من الكلمة الإنجليزية (Over) والتي تعني (انتهى).
تعيش الأڤورة اليوم أزهى عصورها حيث انتقلت من كونها فعلا يرفضه أفراد المجتمع إلى فعلٍ يطالب بعض أفراد المجتمع بالحق الكامل في ممارسته دون تضييق من أي فرد آخر يقع عليه ضرر كبير جراء هذه الأڤورة.
ولقد بدأت الأڤورة تأخذ هذا الطابع في زمن الزعيم الراحل (جمال عبدالناصر) يوم أن قرر سيادته أن يخرج علينا رئيسا منتخبا من قبل الشعب بنسبة 99.99% وقرر الشعب الكريم أن يقول: هييييه! ثم بدأت تسير في مناحٍ أكثر تطورا ونحن نشهد تولي السيد الرئيس السيد محمد حسني السيد مبارك رئاسة الجمهورية بعد وفاة فقيد الأمة السيد الرئيس محمد أنور السادات الذي يُرجع البعضُ الفضلَ له في دخول الحشيش إلى مصر. 
اليوم وقد انتقلت أمتنا العربية من فاعلٍ لمفعولٍ بها وقرر أهل اللغة الموقرون وأهل الشعر المحترمون أن يلجؤوا لشعر الحب والغرام بدلا من الشعر الوطني والملحمي والليبرالي وصلنا لمرحلة متطورة جدا من الأڤورة، حيث توقفنا عن استخدام ألقاب كـ(السيد الرئيس، الزعيم القائد، فقيد الأمة) وبدأنا باستخدام ألفاظ أوڤر أكثر منها! وهو إن دل فيدل على علمنا باللغة ومفرداتها كوننا تمكنا من إيجاد مصطلح "أوڤر" أكثر من "فقيد الأمة"! أتمنى قارئي العزيز أن تكون تتساءل عن هذه المصطلحات التي بلغت ما بلغت لأن عدم علمك بها يضمن لك حياةً خالية من ارتفاع الضغط وانخفاض السكر، علمك بهذه المصطلحات له إيجابيات هو الآخر فعلمك بها وإنكارك لها في وقت واحد يضمن لك ابتسامة شبه دائمة وأنت تفكر في مدى غباء من اخترعوا لقبا كـ (فضيلة الشيخ أعلم أهل الأرض) ومن أَوَّلُوا جملة في غاية الجمال وفي غاية الدقة لتصبح (لحوم محمد حسان ووجدي غنيم وخالد عبدالله مسمومة).
مثل هذه المصطلحات هي التي تقودنا لكتابة وصفة صناعة الفراعنة والمتعنطزين وأولاد الكلب:
1. أحضر إنسانا عادي فرط.
2. قم بإصدار بعض التصاريح التي تعبر عن فكر سليم عن طريق هذا "العادي".
4. راقب العادي يكوِّن جيشا من عديمي الفهم والضمير.
3. اجعل "العادي" يقوم بابتكار فكرة أغبى من الغباء وإعلانها للمجتمع.
4. راقب صراعا سينشأ بين معدومي الفهم ومالكيه.
5. راقب معدومي الفهم يقطعون الفاهمين إِرَبًا إربًا.
6. أجري يا مجدي!

*يقدم هذا "العادي" مع مزيج من الألقاب الفرعونية بتش الكلب*

Sunday 4 November 2012

شباب المستقبل

من زمن الأتاري السيجا وبسكوت ريكو والتلفزيون ذي الأربع محطات، خرج جيل لا يمكنك إنكار أنه جيل مميز! جيل تربى أمام سبيستون يستقبل منها أعظم دروس الوعظ ويتعلم أقوى قصص الكفاح، جيل كان يسمع الكلام حين تقول له سبيستون قبل بداية إحدى برامجها رسالةً هامة: (إنتبه! عيناك في خطر.. اترك مسافة مناسبة بينك وبين الشاشة!)، جيل يملك كل الأدلة والإثباتات أنه جيل مميز بحق!
مالا يمكنني التوقف عن التفكير به هو أبناء الجيل الجديد! الجيل الذي يغني (أخاصمك آه) بدلا من (ما عاش الظالم يسبيكِ وفينا نفسٌ بعد) الجيل الذي نجد من يصورونه يغني (هاتي بوسة يا بت) بعد أن كنا نغني (لن نستسلم مهما ازداد الظالم بغيًا سنهب بوجه الطغيان) الجيل الذي يتابع العشق الممنوع والعشق الحرام وفاطمة وحريم السلطان.
الموضوع أزمة فعلا! أزمة لن تذهب بالأخلاق وحسب.. بل ستذهب بالوطنية وباللغة وبالإحساس وبالحياء وبالملابس قريبا جدا بعد دخول حريم السلطان في الصورة! لأن ما ستتوقعه من جيل كان يغني (بهاءٌ ضياءٌ طيورٌ ونورٌ وغيمٌ بديع الجمال..سأحمي بجسمي ولحمي وعظمي ويعلو لواء النضال) هو وطنية منقطعة النظير وانتماء للغة العربية التي كانت سبيستون تعلمنا تفعيلاتها وبحور شعرها بطريقة في غاية الروعة، أما الجيل الذي نشأ يرى سلطان العثمانيين الذي كان يمثل الدولة الإسلامية حينها لديه "حريم" يختار من بينهم وتقع عينه على خادمة أبدت من مفاتنها أكثر مما أبدت فيفي عبده طيلة حياتها "الفنية" هو جيل سيرينا آباء "لارج" وأمهات "فري" وأطفال فيما بعد متخلفين! مالرسالة التي تتوقعين أن تصل لابنك أو ابنتك وأنتِ تشاهدين معهم مسلسلا يدور حول امرأة متزوجة مغرمة برجل آخر بينما يخونها زوجها مع امرأة أخرى خالص!؟ فعلا مالرسالة التي ستصل لابنتك وأنت تنفعلين مع المرأة الخائنة لأن زوجها يقتلها على خيانتها؟ مالدروس المستفادة والعِبر التي سَتُكَوِّنُ بذور المبادئ لدى أطفالك وهم يتابعون معك مسلسلًا يتحدث عن رجل يقتل كل من يقف في طريق شهواته!؟
الطفولة هي أهم مرحلة في مراحل تكوين أي إنسان! إن كان أهل هذا الإنسان يرونه "مش فاهم حاجة" وتركوه للتلفاز يربيه سيكبر ليصبح كالتلفاز! يقول ما لا يعقل، يحفظ ولا يفهم، تتغير مبادئه بتغير المادة وتغير الظروف! وإن كان أهل هذا الإنسان يرونه إنسانا كاملا من صغره سيحرصون على أن يفهم ما يرى، يحلله بدقة ويستوعب كل جزئية منه يجيبون على تساؤلاته التي سيجيب عنها لوحده ما إن يكبر! ولا يمكنني أن اتخيل الغاية من إجابة طفل في الصف الرابع أو الخامس الابتدائي عن سؤال كـ: (هو يعني إيه بتخون جوزها!؟) فالموضوع ليس بمتابعتك لما يشاهد وحسب بل بأن تكون حاضرا لتصنيفه وحمايته مما قد يشاهد!
أمي كانت تقول لي دائما: من آمنك لا تخونه وإن كنت خاين! و مسلسل "عهد الأصدقاء" كان يكرر نفس الرسالة في كل حلقاته! مارأيك في الرسالة التي مفادها: (من آمنك لا تخونه إلا لو كنت هتخونه عشان خاطر واحد بتحبه أوي) التي يستقبلها أطفال اليوم من مسلسل نور وغيره كل يوم!؟ صدقني حين أقول لك أنه لا خيانة أعظم من أن تخون ربك في أبنائك!
انظر لي أتحدث! تيقن أن ابنك سيمتلك نفس القدرة على الحديث قريبا جدا فقرر كيف تريده أن يتحدث، فيمَ تريده أن يتحدث، عمَّ تريده أن يدافع، ماهي المعاني التي تريده أن يعيها وهو يردد الأغاني التي حفظها وهو صغير بدون أن يفهمها، لأي لغة تريده أن ينتمي، لأي فكرة تريده أن يعيش، ماذا تريد منه أن يكون؟؟ بعد أن تجيب ويجيب آباء اليوم على هذه الأسئلة بشكل صحيح ستنخفض معدلات مشاهدة إم بي سي وستكف محطات المسلسلات التركية عن التكاثر وستعود سبيستون لتكون قناة شباب المستقبل!

Tuesday 30 October 2012

ساندك!

بعيدا عن السخرية التي تصل لحد خفة العقل من إسم ساندي، ساندي يغتصب الآن حضارة بأكملها! إعصار مهول ومروع جدا عبث بالأرواح وقذف الرعب في نفوس شعب ينتمي لأقوى دولة في العالم وأقوى اقتصاد في العالم، تحدى كل عقول البشر التي يتوجب أن تكون وصلت اليوم لأعلى درجات التحضر والفهم، مشاهد مرعبة تبثها التكنولوجيا الحديثة التي دمرها هي الأخرى في ساعات معدودة، مشاهد لن تعبث بحدود عقلك وحسب بل تعبث أيضا بيقينك في أي شيء لأنك تشهد واحدة من أقوى عمليات الإزالة في التاريخ!
وعلى صعيد آخر فقد تم استحداث هاشتاق في تويتر يتحدث عن هذا الموضوع ويقول: اللهم اجعل ساندي كريح قوم عاد.
حين تفكر في درجة الانحطاط التي وصل إليها هؤلاء، تعجب بحق! كمية الجهل بالدين وبالدنيا، كمية الفقر في المشاعر، حجم الغباء المستفحل الذي يجبرهم على الحفظ دون الفهم، كمية التخلف العقلي التي عبثت بعقلهم فانعقد وعبثت بقلبهم فانقبض وعبثت بإنسانيتهم فالتزمت الصمت أمام الجوارح وهي تصدق العقل المعقد والقلب الميت.. إنها كمية ضخمة جدا!
الواجب علينا أن ندعوا لهم! لا أقول يفضل أو أنه أحسن من الدعاء عليهم، يجب أن ندعوا لهم، في الحقيقة! إني أرى موقف النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم ليس إلا الدعاء والتضرع بالدعاء ودعوة الناس لصلاة الحاجة، لأن هذه أبسط مبادئ الإنسانية التي ينادي بها الكتاب الذي ذكر قصة قوم عاد للترهيب وذكر قصة آسيا امرأة فرعون للترغيب وذكر قصة لوط عليه السلام ليضرب أحد أعظم أمثلة التسامح وأنشأ تربية محمد التي فيها (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون) "مع العلم أن قومي ضربوني وشتموني وأهانوني وسلطوا علي سفائهم وقذفوني بالحجارة وحاربوني بشتى الطرق".
هذه العقليات التي تدعوا عليهم لا لهم ومثيلاتها هي التي تحول بيننا وبين حضارة حقيقية، هذه العقليات هي نفسها التي باعت واشترت بالدين. عقليات تعشق الفتنة، تموت في سفك الدماء، تدمن الموت، تتغذى على عذاب الآخرين، وللعلم فإن منها نفس العقليات التي ترتاد بيوت الدعارة في شتى بقاع الأرض مساءً وتندد بمجازر فلسطين صباحا.
ساندي اختبار للبشرية، يميز الفاهمين المحترمين المثقفين بحق من الحافظين ولا يتجاوز حفظهم حناجرهم.
وأذكركم أن الأمريكي "ساندك" يا مصري في الثورة كما ساندك وأنت تقول أن الإسلام ليس إرهابي فسانده اليوم!


Monday 29 October 2012

حين نتفق!

وأنا في الصف الأول الاعدادي ومراعاة لمشاعر من كنت في أرضهم سأقول "الأول المتوسط" أتانا معلم لغة إنجليزية لم يعجب معظمنا نظرا لأننا شعرنا بأنه "منفوخ علينا" كونه كان يمارس طقسا غريبا إذا قرر معاقبة تلميذٍ ما، فكان يستعير منديلا من أحد الطلاب ويقوم بشد أذن هذا الطالب الذي دعت أمه عليه! نوع من أنوع التعذيب النفسي وإشعار الطالب بأنه كريه لدرجة أن الأستاذ "النظيف" يمسك أذنه بمنديل بغض النظر عن حقيقة أن الأستاذ رغم نظافته هذه لم يصادف ووجدناه لا يشحت منديلا من الطلاب كنوع من أنواع المصداقية!
ليس هذا المهم! المهم أننا قررنا كطلاب فصل واحد بأن لا نقوم بإعطاءه منديل لو طلب، ولاقى الاقتراح استحسانا كبيرا، وفعلا فور دخول أستاذنا الموقر وبدء طقس العقاب لأحدهم سأل: مين معاه منديل؟! وكان أن لم يجب أحد، فتفضل هو بعبارته التي تنم عن عبقريته البحتة: كلكم وصخين ماحد معاه منديل؟! طيب مافي مشكلة! وبدأ يمارس أبشع طقس تعذيب شهدته عيوني اللي هياكلها الدود، أمسك بأطراف أكمام الولد وبدأ يجبره على تلطيش نفسه يمينا ويسارا بشكل مهين جدا، حتى توقف الولد وأخرج منديلا من جيبه وأعطاه للأستاذ ولكن! أكمل الأستاذ رحلة تلطيشه المهينة دون اكتراث بالمنديل!
بعد هذه الواقعة لم أتوقف عن طرح سؤالٍ مهم: لماذا حين اتفقنا اتفقنا على الرضوخ لوضع الإهانة هذا؟ بمعنى: ليه اتفقنا إننا منجيبش منديل رغم إننا ممكن نتفق منعملش حاجة تديه حق يتعرض لحد فينا؟!
حين أخذنا قرار عدم إعطائه منديلا إن سأل، كنا تجاوزنا التفكير في ما قبل طلب المنديل، الأفعال التي تؤدي بأحدنا للتعرض لشد الأذن مع مراعاة أني كبرت الآن ولا أراه محقا في كثير من حالات شد الأذن تلك! لماذا حين تتفق فئات كثيرة من الناس يكون الرضوخ للواقع جزءً من اتفاقها؟ فيبدو لنا غالبا أن هذا العامل المشترك إن لم يتواجد في محاولة اتفاق لما تعدت كونها محاولة!
ابحث في قراراتك الجماعية الأخيرة ستجدني محقا، وأرجوك ابحث معي عن إجابة خلال بحثك الأول! 
رغم كثرة الحوارات العربية، قليلٌ منها نخرج منه بنتيجة حقيقية يمكننا أن نعتبرها فعالة بالقدر الكافي لحل معظم أزماتنا! هل يمكنك أن تصدق أن حل دولة كالمملكة العربية السعودية لأزمة البطالة كان اعتماد نظام معقد جدا جدا جدا سُمِّيَ "حافز"؟ هل تصدق أن الدولة المصرية البائدة حين أرادت القضاء على الثورة أغلقت وسائل الاتصال؟ هل تصدق أننا صرحنا كعرب أن (يجب أن نبدأ بإجراءات السلام مع إسرائيل)؟ هل تصدق أن الأمة العربية حين قررت مساعدة الثورة السورية الشقيقة قامت بإنشاء الملاجئ وإرسال معونات طعام؟ هل تصدق أننا ما زلنا كعرب نعيش على هذا الكوكب ونسمي أنفسنا (أمة) واقتصادنا هو أكثر اقتصادات العالم انخفاضا بينما دول لا تملك نصف مواردنا تملك أقوى عملة في العالم؟ 
الأسئلة كثيرة والقائمة طويلة والسبب مجهول! كيف تخطينا المهم والأهم لننتقل لما ليس له فائدة خالص مالص؟! كيف قررنا أن الطالب العربي يحتاج لدراسة التركيب الصخري لحجر الرخام ولا يحتاج لدراسة الحرب العالمية الأولى والثانية؟ 
يبدو لي أنها مجموعة فراغات في أدمغة من يفكرون بهذا المنطق تمنعهم من رؤية كافة الحقائق المختبئة خلف قراراتهم العبقرية!
لاحقا في العام الدراسي تفضل أستاذنا بأغبى طلب سمعته في حياتي: إذا كتبت الـ"q" بهذا الشكل أبغاك تحط خط تحتها عشان تميزها عن الـ"p". واكتفينا بهز رؤوسنا أنْ "حاضِر" ولم يعلق أحدنا على هذا الموضوع طوال العام.

تصبحوا على خير!

Thursday 25 October 2012

من سرق العيد؟

زمااااان قبل أن يكون هناك بلايستيشن وَن! كان هناك أنا، لا أزال أذكر صلاة العيد التي رحت أركض في الجامع أوزع الحلويات على المصلين فيها وهم جالسون يسمعون الخطيب، لم يكن الناس قد انشغلوا بعد بالدنيا للدرجة التي تدفعهم للهروب فور انتهاء الصلاة وكأن الخطبة هذه هتوديهم النار! أيامها لم يكن خطباء العيد قد تحولوا لحاملي كشوف أهل جهنم بعد. 
لن أطيل الحديث عن كيف كان العيد جذابا ومليئا بالألوان، لن أتحدث عن عدم اكتراثي بشرابي المقطوع الذي كان تعرض للحرق قبل بدء ماراثون توزيع الحلويات بيننا نحن أبناء المسجد، لن أتحدث عن عشقي للتكبير في المايك وتنافسي مع أصدقائي هناك من يتفوق بحسن الصوت والنَّفَسِ الطويل، لن أتحدث عن عشقنا للصلاة على النبي وآله وأزواجه وذريته في التكبير، لن أتحدث عن أول مرة تكوَّن فيها يقيني الكامل بالله وأنا أقول: (لا إله إلا الله وحده! صدق وعده! ونصر عبده! وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده!)، لن أتحدث حتى عن أحلى علقة سخنة أكلتها من والدي عند عودتي متأخرا لأنني انشغلت كثيرا في اللعب مع أبناء الحارة في أول أيام العيد. 
سأتحدث عن أول مرة سحبوا مني المايك وأنا أقول الكلمات التي تكوَّن فيها يقيني بالله أول مرة بحجة أن الصفة هذه "بدعة"، عن الذين نظروا لي شزرا ورفضوا تسليمي المايك لأني ألبس قميصا وبنطلون بدلا من جلابية كسائر "أهل الله"، عن أولئك الذين سرقوا البسمة من شفاه الصغار وهم يتحدثون في خطبة العيد عن الوعيد الشديد لمن سمع الأغاني والأناشيد، عن الفئة الجاهلة التي تتلحف أسنانها عن الناس يوم العيد، عن أشخاصٍ ربوا لِحاهم لا ليدخلوا الجنة وحسب بل ليزفونا إلى النار أيضا! 
لماذا لا تتركون فرصة لحمادة وحمودي وعبده من هذا الجيل ليعيشوا العيد الذي عشته أنا وإخوتي، لماذا لا تكتفون بالعبث ببراءتنا وقد صرنا أحمد ومحمود و عبد المجيد وتتركون البراءة الجديدة تتشكل عاشقة للعيد ولله؟ لماذا تكبرون في مكبرات الصوت بأصوات قبيحة لا علاقة لها بصوت أول مؤذن في الإسلام؟ لماذا لا تجعلون أصوات من يحمدون الله ويكبرونه ويصلون على نبيه أصواتا ندية جميلة جذابة قبل أن تنهوا الناس عن اللجوء للأغاني وللمغنيين ذوي الأصوات الندية؟ ومن أعطاكم السلطة لتصرحوا بأن صفة التكبير التي يرددها الناس مذ عرفتُ الدنيا هي بدعة؟  
لصوص العيد أنتم! طالت لِحَاكُم عن طول قبضة يدكم  فانفلتت الأيادي تنهر وتخوِّف عباد الله وتفرغت اللحى لتغطية الابتسامات وإجبار أفواهكم على العبوس! حَمَا الله أطفالنا منكم وأعاد لنا العيد عيدا ووفقنا لأن نقتلكم قبل أن تقتلوا الفرح فينا!
سأنزل لصلاة العيد غدا ومبكرا جدا بإذن الله، سأمشي أضحك حتى تظهر ضروسي، سأبتسم في وجه الكل وسأزف التهاني لكل من سألقى من بشر، مسلمون ومسيحيون، رجال وصبيان، نساء وفتيات، سأكبر بصوت عالٍ صفة التكبير التي عرفت الله بها وأحببت النبي وآل بيته عن طريقها، سأكون أسعد أهل الأرض رغم كل شيء، لا لشيء إلا في سبيل عيدٍ سعيدٍ بحق! وسأعيد العيد... لكم يا من تحبون الله وتحبون الناس وتحبون الفرح!

Tuesday 23 October 2012

خرية سغيرة!

طبعا يا عبد المجيد! العالم أصبح كما تقولون "خرية سغيرة".
كانت هذه الكلمات التي رد بها صديقي يوسف الألماني ذو الأصل الفلسطيني بعد أن حدثته كيف أن أمي علمت بنتيجة قبولي في الجامعة قبلي وهي في منطقة زمنية مختلفة. تمنيت لو أنني حضرت أولى محاضرات الاجتماع قبل كلمة يوسف هذه حتى لا أكتفي بالضحك على نطقه لحرف القاف وأبدأ بإعلامه عن مدى سطحية المصطلح "قرية صغيرة"، بعد اكتشافي المذهل وهو أن العولمة ليست "جعل العالم قرية صغيرة" كما اعتاد عمرو أديب أن يقول وأن العولمة هذه هي هيمنة اقتصادية وسياسية قبل أي شيء، سألت نفسي سؤالا مهما جدا وهو: مالذي يدفع الإنسان لطلب الهيمنة؟ بمعنى آخر: ليه الناس كلها عايزة تتحكم في أكبر قدر ممكن من الناس؟
لم أتمكن من إيجاد الإجابة إلا في نفسي!
أنا وأنت عزيزي القارئ! كم مرة رأيت أن رأيك هو الأصلح وأن الكون لن يصلح إن لم يستمع الناس لرأيك ومشورتك؟ كم مرة وافقت على الرضوخ للرأي الآخر على مضض لأنك لم تقتنع بعد بأن هناك شخصا أفضل منك؟ كم مرة مارست ديكتاتوريتك على من هم أصغر منك سنا أو مكانا لأنك ترى بمقولة الأجداد القديمة "إحنا عارفين مصلحتك أحسن منك"؟ وكم مرة غضبت والمنطق نفسه يُستخدم ضدك؟
بمثل هذه الأشياء الصغيرة التي قد لا نلتفت لها نتحول من متحاورين إلى متحاربين وتقودنا الحرب إلى إلى منفصلين ومن منفصلين بدعوى "الزعل" تتكون لدينا هذه الآفة التي عاثت في كوكبنا فسادا .. الحروب! الحروب التي لم تتوقف يوما ولكنها تحولت من المفهوم العام للغزو الذي يحتوي على دبابات وأسلحة ثقيلة تذهب بالدماء، إلى آلات صغيرة تدخل لكل بيت لتبث المفيد بكل تأكيد لكنها تبث أيضا ما يذهب بالعقل، ما يجعلك تنظر لحضارة من الأفلام الهوليودية فتقول أنت: نفسي أعيش في أمريكا! وأنت لا تعلم عن أمريكا غير السفاسف التي شاهدت في أفلام أمريكا ويخفى عليك ارتفاع معدل الجريمة بشكل بشع فيها وارتفاع معدلات الاغتصاب "يعني عندهم ناس بتتحرش برضه أهه" وارتفاع معدل الفقر وارتفاع معدل الغير راضيين عن أداء وطنهم تجاههم، فتصدق عمرو أديب إذا قال: يا جماعة الكلام ده مش بيحصل في حتة في العالم غير عندنا! وبالتالي ستؤيد إعلاميين الدَّرَبُكَّةِ وهم يقولون: ما كل بلاد العالم فيها ناس بتلبس كدة وأصْخَم من كدة ومبنشوفش الحاجات دي غير عندنا! وسنستمر في تصديقهم وهم يتحدثون عن البرلمان: إشمعنا إحنا من بين دول العالم مش عارفين نكون برلمان مزبوط!؟ رغم أن برلماننا عشرة على عشرة! 
هذا الغزو الفكري إضافة إلى الجهل المتفشي في مجتمعنا أدى لأن نصل لأن يكون لدينا مرشحوا رآسة بزيت وسكر وآخرين بالبطانيات والمخدات وغيرهم بـ200 جنيه! وأنا هنا لا أساند نظرية المؤامرة إطلاقا فأنا من أعداءها أصلا لأنها تؤصل كره الآخر واعتباره طرف دخيل يريد العبث بالمجتمع وهذا سلوك غير إنساني وغير إسلامي! ولأن حكوماتنا العربية تتسم بالشفافية والوضوح والمصداقية التي تعلمون فقد ملأت رؤوسنا بهذه النظرية منذ الطفولة وحتى الفحولة والواقع المرير الذي ستدركه بنظرة حولك أن المتآمرين علينا هم الآمرون علينا.
الوعي والتوعية وحدهما إن انتشرا في العالم بالشكل الصحيح سيتحول مفهوم العولمة ليصبح "قرية صغيرة" بحق وإلا فإن صديقي يوسف لم يخطئ حين قال ما قال!

مساء الفل!

Thursday 11 October 2012

أنهي جمل؟! مفيش جمل؟!

بنفس منطق "عيني حمرا -لأ! طاب بتوجعني؟!" صرح القضاء المصري الشامخ للمرة الخامسة تقريبا منذ الثورة أنه "شامخ عاى روحه" أولا ويستخدم التقنيات القديمة في إيجاد الأدلة، تقنيات من عينة لازم أكون شفت بعيني! الحمرا! اللي مبشوفش بيها أصلا!
ما يقلقني حقا ليس مستوئ دناءة هذا القضاء الشامخ بل انحطاط مستوى التفكير التي وصل له بعض من شهدوا التحرير والكوبري ومحمد محمود وماسبيرو، كيف واتتكم جرأة كافية لتصرحوا علنا هكذا أن الرئيس له أي دخل بهذه الأحكام المنحلة؟!
أنتم أكثر من تعرضوا للتخوين وأكثر من طُحِنوا بمطحنة الإعلام الموجه، بأي حق وبأي ثورية أعطيتم أنفسكم حق إتهام الرئيس بهذه العشوائية؟!
لا ننكر أنها أحكام هزلية تظهر بما لا يدع مجالا للشك فساد قضائنا ومدى تورطه في فساد الأمة لكن لا علاقة للإخوان والرئاسة بها!
لست من المولعين بالإخوان وربما يعي كثيرون ذلك عن طريق متابعة آرائي المتذبذبة فيهم، لكنني من المؤمنين بأن صلاح الدولة مبني على صلاح الشعب ولن تتقدم دولة مادام جزء من شعبها يكن العداء لجزء آخر لغرض "كنِّ العداء" لا أكثر! لن يصيبنا شيء إن خرج حكم هزلي يبرئ قتلة الثوار ومصدري الأوامر فبأيدينا نأخذ حقنا إن "نخ" قضاؤنا، لكن مصابنا عظيم إن لم نملك هذه الوحدة التي بها فقط نتمكن من استرداد حقنا في ظل انعدام العدل والحكمة!

Sunday 7 October 2012

وافد

يبدو أنني من تلك القلة التي كُتب عليها أن تقودها مبادئها نحو ما يسميه العصر "مشاكل" التي ولد أغلب أهل العصر وهم "ملهومش فيها" وولدنا نحن باحثين عنها لا نرتاح إلا ولدينا مشكلتين تلاتة تؤرق نومنا كل يوم!
ولدت كما قد تعلمون في السعودية وفُرض علي أن أُسجل في سجلات الحضانة "أجنبيا" وهو شيء لم أكن سعيدا به كوني من أحفاد النبي، من آل البيت بمعنى أن حقي في أرض مكة والمدينة أكثر من حق عبد الله بن عبدالعزيز آل سعود ذات نفسه لكني تحملت هذه الإهانة إلى أن قالوا لي وأنا في مرحلة الانتقال من الإعدادية للثانوية: رمينا ملفك إنتا وأمثالك من الأجانب في مكتب الشمال وما نقلناها للقسم الثانوي في المجمع بشكل أوتوماتيكي مثل ما سوينا مع أولاد البلد السعوديين، لذلك روح خذ الملف ودور على مدرسة أيها الوغد الحقير!

حجم القهر في داخلي كان لا يوصف وبدأ احتمالي لإهانة أجنبي هذه يقل، من ستر ربنا أنني كنت في تلك الأيام مصابا بانفلونزا وكان العام ذاك عام ما سمي بـ"انفلونزا الخنازير" فكنت هادئا بَدَنِيًّا نوعا ومضت ثلاث أسابيع وأنا مشرد بلا مدرسة ومكتب الشمال يقول "ملفك ما جانا يا ولدي" وحين أوشكت على الانفجار اتصل مدير القسم المتوسط الأستاذ علي الحزنوي بوالدي وأخبره أنني تم نقل ملفي "بشكل خاص" للقسم الثانوي وكان ذلك مجهودا شخصيا من الأستاذ كونه قد صرح لي أكثر من مرة أنه معجب بإلقائي وروعته ولا يريدني أن أخرج من المجمع! وكأي إنسان معاصر لا يفكر إلا في نفسه قلت في سري (اللهم اخزيك ياشيطان) وبدأت عامي الدراسي بشكل عادي بعد أن شكرت للأستاذ عليٍّ أدبه وأخلاقه وكدزا!
وأنا عائد من مصر في يوم الخميس مساء في صيف عامي الدراسي الثاني في المرحلة الثانوية وقف ظابط الجوازات يراجع جواز سفر أمي الذي كنت ما أزال مضافا عليه حينها وقال: عبد المجيد بقاله تلات تيام مكمل ١٦ سنة! يعني لازم يكون باسبوره لوحده! واقتضى الأمر أن أجلس ثلاثة أشهر في مصر ومدرستي بدأت في جدة لأخرج بطاقة وشهادة ميلاد وباسبور وتأشيرة وما إلى ذلك الأمر الذي أثار حفيظتي من ناحية وطني الرسمي والذي كان لم يشهد بعد الثورة التي أزعم أني بذلك الشهر الذي قعَّدوني فيه أطلقت إحدى شراراتها!
ورحت المدرسة بعد كدة وعادي يعني!

حقي في التعلم كمواطن مصري بدون أي تمييز تكفله لي الدولة، الدولة التي نظرت لشهادتي القادمة من السعودية أنها "كُخة" فيجب أن يتأخر تقديمي في الجامعة حتى يكمل "ولاد البلد" تنسيقهم و"يِتْسَتِّفُوا" في كلياتهم وياخدوا واجبهم كمان! فها أنا ذا وقد مضى على الجامعيين ما مضى وهم في الجامعة أقف كالعواطلية بلا شغلة ولا مشغلة، لا جامعة تلم ولا كلية تضم!
قدمت في التنسيق الالكتروني وقدمت ملفي في مكتب التنسيق بالجامعة حين طالبوني وانتظرت نتيجتي كالمنتظرين وجاءت الشبكة تقول: لقد تم قبولك في كلية آداب اسكندرية، ولأن هناك من أضربوا عن العمل في جامعة الاسكندرية فلم يصل ملفي وها نحن في الأسبوع الثالث منذ صدور بطاقة الترشيح و "الملفات لسة ما وصلتش والله" كما يقول وكيل شؤون الطلبة! ولأني كما قد تلاحظون "غاوي إعلام" تقدمت في إختبار قسم الإعلام بالكلية التي زعم الموقع الالكتروني أني قُبلت فيها بعد أن أكد لي العاملون فيها أنني "أدفع بس الميت جنيه وخد الوصل وامتحن وهتخش لو نجحت" لكنهم قرروا بعد خوضي للامتحان ذاك أنني لاحق لي بمعرفة نتيجتي لأني "وافد" لم يصلهم ملفي بعد ولم يتأكدوا من مجموعي ولم يعرفوا بعد درجتي في العربي والانجليزي وحتى ذلك الحين علي أن "أنطزر" كما نصحني أحد الدكاترة جزاه الله خيرا!

في السعودية كانوا يتعاملون معي باحترام والله ورغم ما ذكرت في البداية إلا أنني أكن لهم كل احترام كون كثيرين منهم احترموني لشخصي دون أن تشكل جنسيتي فرقا معهم! وحين جئت هنا لم أشعر إلا أن "وافد" هذه سبة وأنهم لسبب ما يرونني كوافد لست من مستوى المتقدمين في الجامعات ولست من المؤهلين ليكونوا في قسم كقسم الإعلام "اللي بيدخلوه الدحيحة"!

أنا عبد المجيد، عضو في الإذاعة المدرسية من الصف الثاني الابتدائي، أكتب ما أقوله فيها من يوم دخلتها، حاصل على المركز الأول على جدة في الإلقاء، من ضمن ثلاث وفود طلابية خرجت من جدة في ملتقيات حوارية مختلفة، مقدم أول ملتقى حواري في جدة، اشتركت في مسابقة "الكلمة الحلوة" في قناة الرسالة وأنا في الصف الثاني المتوسط وحصلت على المركز السادس "ومأخدتش جايزتي"، بكتب شعر وخواطر وحاجات جميلة، خمسة من مقالاتي سُرقت وتنشرها المنتديات بأسماء مختلفة في مواسمها، أقرأ كل ما يقع تحت يدي، أجيد اللغة الانجليزية. هذه الأشياء كلها لا تنفع لأتقدم في وظيفة في قناة تلفزيونية ربما.. لكن من المؤكد أنها تصلح لأدخل جامعة!
لمن لم يقرأ بعدُ ما بين السطور: أنا وكل الوافدين من أبناء مصر لا نستحق قلة القيمة هذه! أبدا!

شكرا :)

Wednesday 3 October 2012

قليلا من البساطة

الطريقة التي تتحدث بها النُّخَب في أوطاننا العربية هي طريقة مثيرة للاهتمام فعلا، لا يمكنك أن تقول أنك لم تسمع من قبل ناشطا حقوقيا أو سياسيا يتحدث عن فقراء الوطن العربي و"العوائل اللي مش لاقية تاكل" ويستخدم ألفاظ من عينة "الدولة البرجوازية المتزمتة، النظام المنعزل المتعفن المتحجر" وهي طريقة قد يستغربها كثيرون كوننا جميعا نتوقع أسلوب أبسط حين نكون نتحدث عن الفقراء والأميين والمعدمين كونهم وكما قلنا "مش لاقيين ياكلوا" فضلا عن أن يكونوا "لاقيين" ما يشترون به كتبا في السياسة والاقتصاد والأمن الوطني ليفهموا مصطلحات الجامعة تلك!
لكن ما لا يدركه كثيرون هو أن هؤلاء الحقوقيين لا يتحدثون إلى الفقراء بل يتحدثون عن الفقراء وهو ما يجعل الأمر مختلفا تماما ويجعلنا نحتاج لأن ننظر لهم بعين المثقفين والمحترمين "اللي مش واخدين ع الغلب" لا بعين من عاشروا الفقر ويعرفون أنه بعيد كل البعد عن أن يكون "أزمة بين الطبقات البرجوازية".
حين تحدث (خنفشار) عن (الخنفشار) بعد أن سأله بعض الشباب العالمين عنه أجاب: الخنفشار شجرة تنمو في أعالي جبال شرق آسيا تنبت فاكهة حلوة المذاق فيها شفاء من الإمساك وكافة آلام البطن كما أن قشرتها بها ما يطهر الحروق ويشفيها بإذن الله فمن لحقها منكم فليأخذ منها الكثير!
كان الشباب السائلين قد اخترعوا لفظة "خنفشار" هذه لأنهم وجدوا خنفشار يتحدث في كل شيء ويسهب في الحديث وكأنه عالم الزمان (لم يكن اسمه خنفشار قبل ذلك) وبإفتاء خنفشار هذا التصق به اسم خنفشار ولم يعد أحد يناديه بغيره!
المهم في موضوعنا هو أن أي شخص أيا كانت كمية ثقافته لا يمكنه أن يتحدث عن أي شيء مالم يكن جربه بنفسه أو على الأقل احتك به، لأنه ومهما بلغت درجة علمه بهذا الشيء لن يتمكن من الحديث عنه كأهله!
لذا أوجه كلامي لطبقات المجتمع البرجوازي التي تتحدث عن الطبقات الكادحة، لا تتحدثوا عنهم! انزلوا إليهم من برجوازيتكم هذه وعلموهم كيف يتحدثون عن أنفسهم، لقد ثبت بما لا يدع مجالا للشك أن هاشتاق #ضدالتحرش ليس مجديا بأي حال لأن المتحرش لا يعرف تويتر أصلا وآن الأوان لينصدم الشيخ حازم أبو اسماعيل ومحمد حسان بواقع أن هناك من الفقراء الذين لا يعرفون كيف يبدوا هذا التلفزيون اللعين الذين يطل المشايخ منه ليقولوا للفقراء اصبروا وللأغنياء أعطوا.
قليلا من البساطة في محاولات إصلاح المجتمع ستقودنا لنتوقف عن التكلم في الفضائيات عن مشاكل المجتمع ونبدأ نقود حملات تطوعية حقيقية نجمع فيها كل أطياف الشعب التي ترغب بمد يد العون ونقوم بإصلاح هذه المشاكل ونخرج بعد سنتين أو ثلاثة في القنوات لنتحدث عن كيف كان الحال في تلك الأماكن بشعا وكيف استطاعت الأيدي الوطنية تحويله للتجمع الخامس وعابدين والزمالك ومحرم بيك!

شكرا!

Tuesday 2 October 2012

كيف نختلف!؟

كيف نختلف؟
أعني هل من حقي كمختلف معك أن أختلق قصصا مكذوبة عنك وعن اللي يتشدد لك فقط لأقوم بالاستناد على هذه الأكاذيب لاحقا وأنا أبرر لك فعلة مكذوبة أخرى؟! لم يمضِ وقت طويل منذ أحداث انتخابات الرئاسة في مصر، في تلك الفترة تداولت الصفحات على الانترنت وبعض الصحف حتى- تداولت خبرا قديما يقول فيه السيد الرئيس محمد مرسي أن الإخوان لم يقوموا بالنزول أمام بعض رموز الحزب الوطني في الانتخابات لأنها رموز وطنية! بصرف النظر عن التجاهل الشنيع من قبل الجانب الإخواني لهذه القضية والتي سُمِّيَت فضيحة لاحقا إلا أن السيد الرئيس سُئِل في أحد لقاءاته قبل بدء الجولة الأولى عن هذا التصريح وقال أنه مجرد تلاعب من قبل الجريدة وقمنا برفع قضية عليهم لهذا السبب! ماذا كان من الصفحات التي نشرت هذا التصريح؟ وكأن شيئا لم يكن! استمرت في نشره ومازالت تنشره ليومنا هذا!
حين قالت الأهرام يوم جمعة الغضب "مظاهرات حاشدة في سوريا" ولم تتحدث بأي شكل من الأشكال عن مظاهرات مصر "ثورة" مصر خرج الجميع يقولون "إعلام كاذب" لكننا كسلفيين سنصدق نفس هذا الإعلام الكاذب حين يقول أن البرادعي يقول أن ابنته متزوجة من رجل نصراني انجليزي! حتى وإن قال البرادعي أن هذا ليس صحيحا، وسنصدق نفس الإعلام كليبراليين حين يقول أن النائب علي ونيس تورط في فضيحة أخلاقية حتى وإن فوجئنا بعد بضعة أسابيع بهذا الإعلام يتكتم على أمر الإفراج عن النائب علي ونيس والتأكد من أن التي كانت معه في السيارة هي ابنة أخته بالفعل! وبنفس المنطق سنستمر كسلفيين وكإسلاميين بنشر الأخبار الحسنة عن مرسي ونتجاهل كل الإشاعات السيئة ونتجاهل كل التأخيرات في تنفيذ وعوده وسنقول في نهاية كل خبر "طبعا إعلام الفلول عمره ما هيقول الكلام ده" وكليبراليين سنقوم بالحديث عن "حكَّة" مرسي المفاجئة وزكامه وكأنها أزمة عالمية كبرى وسنتهمه بالعمالة لأمريكا والتطبيع مع إسرائيل ولن ننشر أبدا كلماته القوية في حق النظام السوري الغاشم وكلماته الأكثر قوة وهو يتحدث عن دور مصر الريادي، سنقول كإسلاميين إن اللقاء مع أردوغان كان مشرفا وكليبراليين سنقول "إزاي الرئيس بتاعنا قصير بالشكل ده" سنقول كإسلاميين إن الزبالة خلاص فضيت من الشوارع والحياة بقا لونها بمبي ومرسي جنبك وجنبي وكليبراليين سنقول إن مرسي مش بينزل في الشوارع ومش شايف الفقير اللي في شارع ملك حفني العصافرة اللي بيشحت! لن نجد حرجا كإسلاميين من قول "وهوا النبي كان عرف يعمل إيه في أول 100 يوم من الدعوة؟" في إشارة لأن الرئيس مرسي أنجز أكتر من سيدنا النبي، ولن نجد حرجا كليبراليين من التعويل على مرسي في حل مشكلة الناس اللي بتطرطر في النيل من غير تصريح!
انقسم الإعلام التلفزيوني والالكتروني من وسيلة لمعرفة الخبر إلى وسيلة لمعرفة زاوية أصحاب المحطة وكيف يرون الطرف الآخر، أصبحنا لا نستغرب السباب على الهواء مباشرة! أحد أقذر برامج الدولة المصرية الحديثة وأكثرها إساءة للإسلام "أعني برنامج خالد عبد الله على قناة الناس" القائمون عليه لم يجدوا حرجا من تسميته "أجرأ برنامج في مصر" وهو ولا مواخزة ليس إلا "أوسخ برنامج في مصر" فليس أسوأ من أن تجعل منبر الحوار منبرا للسب إلا أن تجعل منبر الحوار منبرا للسب باسم الدين، لعلي أتحدث عن قذارة هذا البرنامج في مقال آخر لكن لحد ذلك الحين أتساءل: هل هذا الاختلاف "الانقسام" صحي لهذه الدولة الثورية؟
هل هذا طبيعي؟

Sunday 19 August 2012

العيد الصح

لست جديدا على "العيد بتاع المسلمين" فطوال سنين عمري صليت معظم صلوات العيد في الحرم المدني والباقية كنت في الصفوف الأولى مع "اللي بيكبروا في المايك" فأنا لست جديدا على الأعياد لا سمح الله، ويمكنني أن أشعر بأنه ليس من العادي أن تنتقد التيار الثالث في خطبة العيد وأنه قطعا ليس من الإسلام أن تقطع طريق البشر من مسلمين ومسيحيين بالشكل الذي رأيته اليوم.

مشكلة هذه الفئة أنها ركزت كثيرا في تضعيف الأحاديث التي ذكرت الصفة الطويلة للتكبير يوم العيد ونسوا أن التكبيرات والأذكار هذه يرثها الناس كما يرثون الأذان والإقامة وصفة الصلاة والأخلاق الحسنة وبشاشة الوجه ونظافة الجسد وحب الجمال، بصراحة! أكثر صلوات العيد كآبة وأكثر خطبة مملة حضرتها في عمري كانت اليوم، تحديدا في مصلى الدعوة السلفية بشارع 45 بالعصافرة.

لذلك عزيزي القارئ لا تستغرب حين تسمع الناس يتحدثون عن كيف أن العيد "معادش زي زمان" لأن بهجته ذهبت في وجوه ناس مهما كبرت غررهم لن يبدو نورهم ورائحته ذهبت في أفواه لم يفدها عود الأراك ولأن زينته أذهبتها "لحى" تبحث عن الحرام قبل الحلال!

Saturday 18 August 2012

مسلسل عمر

عمرو خالد فتح عيني على جوانب من حياة سيدنا عمر رضي الله عنه لم أعرفها من قبل في برنامجه في رمضان السنة، أسلوبه في غاية الروعة وأداءه وانتقاله عبر الأمصار لخدمة القصة كان رائعا ويستحق الشكر.
مسلسل عمر كان شيئا آخر لأنه جعلني أدرك لأي درجة يمكنني أن ألتقط الشيء المعيب بسرعة مخيفة! قبل أن تتهمني في حسي الفني، عد معي لمشهد قتل عمر ابن الخطاب والذي كان في صلاة الفجر والكاميرا موجهة نحو وجهه وهو يقول أيها اللعين لأبي لؤلؤة المجوسي! ألا يمكنك أن تلاحظ هذا الضوء الأبيض العظيم البادي في خلفية المسجد؟ من أين جاء؟ 
أخطاء إخراجية كهذه عابت المسلسل في نظري، لم تعب القصة وحبكتها لأنها تاريخ لكنها جعلت مشاهدة المسلسل متسمة بالملل في كثير من الأحيان لأنك حين تلمح زلة إخراجية مضحكة مثلا قد تنشغل بالضحك عن متابعة الحلقة ويقودك هذا لأن تنشغل بالبحث عن شبيهاتها "وهي كثيرة" طوال مشاهدتك للمسلسل!

اختيار الممثلين كان فيه نوع من أنواع "الصربعة" الغير مبررة والتي يمكنك لمسها في من أدَّى دور علي ابن أبي طالب بملامحه الجامدة والتي تجعله أقرب ليكون أحد كفار قريش! واستغربت اختيار حمزة وأبي لهب عما النبي صلى الله عليه وسلم واللذان شهدت لهما العرب بقوتهما في الحرب وأنهم فرسان ليس مثلهم فرسان، يخرجون للصيد كل يوم "خصوصا حمزة" يعني هما بمثابة من يقوم من النوم ليتريض كل صباح في زماننا فكيف بمخرجنا وقد أبداهم لنا اثنين سمينين كهذين؟ مجسد عمر كان بارعا حقيقة لكن ألم تتمكنوا من أن تعلموه الفصحى أو تتقنوا الدوبلاج أكثر من هذا؟ ثم ألا تذكرون قصة عمر عريض المنكبين الذي كان الصبية يوسعون الطريق له إذا مشى فيه؟ لم يكن مجسد الشخصية كهذا الوصف!

أخطاء الإخراج الكبيرة كثيرة أيضا في الحوارات التي بدت "ناشفة" في أحيان و"أوفر" في أحيان أخرى ولو أنه أبهرنا بتصميم المعارك لكنه كان فضيحة حين يأخذ كلوس لاشتباك بين اثنين في منتصف المعركة وأعتقد أني لمحت اثنين يرقصون سلو في خلفية إحدى الاشتباكات في غزوة بدر!  

بشكل عام المسلسل ما يزال يستحق المشاهدة وستعرف منه الكثير عن حياة سيدنا عمر، رغم أن هناك جزءً كبيرا من مواقفه رضي الله عنه التي وصلت إلينا في الكتب لم ترد في المسلسل ولا أعرف السبب وراء هذا، لكنك ستعرف الكثير وإن قرأت كيف قُتِل وعما حدث لأبي لؤلؤة ستعرف ما قصدت حين استغربت ذلك الضوء في المسجد وستستغرب كيف أمسك عمر رضي الله عنه بالمجوسي وكيف وجدت عليا واقفا عند عمر يسنده قبل أن يقع! 



Friday 17 August 2012

فيرتيجو

فيرتيجو-أحمد مراد
لا أدري هل السنتان اللتان قضيتهما بعيدا عن الأدب وخصوصا الروايات الطويلة هما السبب أم أن أحمد مراد كاتب عظيم جدا لدرجة أنه تمكن من استحواذ انتباهي في فترة ليست قصيرة قرأت فيها روايته "فيرتيجو" قراءة من يحفظ لا من يستمتع وحسب.
حسنا... لن أبالغ لكن لا أكون كذلك حين أقول أنك لن تتمكن من التوقف عن قراءتها، الأستاذ أحمد لا يعطيك فرصة لتقفل الصفحة وتنام قرير العين، أنا شخصيا تعرفت على "علاء" أحد الشخصيات الهامة في الرواية عن طريق حلم راودني لعبت فيه دور "أحمد كمال".

تتميز فيرتيجو بأحمد مراد، كاتب ومصور وصحفي عارف لقدر نفسه، لم يخرج من حدوده ليتحدث عن عصابات مافيا أو عن السوق السوداء المصرية، لكنه تكلم عن طموح جيل تربى على هذه الأفلام، البطل زميل مهنة والشخصيات التي يعرفها نعرفها جميعا، حتى حين جاء "علاء" ليلعب ثاني أهم دور في الرواية لم يكن بعيدا فكان صحفيا ذا ضمير يريد أن يستخدم صوته في كشف الحقيقة، "غادة" التي وقعتُ في غرامها كقراء كثيرين غيري ولم يحترم القائمون على المسلسل عشقنا هذا فتخلوا عن غادة حين غيروا جنس أحمد، "عمر" عبقري الفوتوشوب التخين الفِشِلَّة اللي بياخد ع الناس في ثواني، حتى "جودة" أكاد أجزم أنه موجود في حياة كل مصري.

القصة جميلة ومشوقة ومؤثرة وواردة الحدوث ولن تشعر بالمبالغة في وصف الأحداث أو الزيادات الفارغة في التفاصيل "رغم كثرة التفاصيل" لكنها ليست مملة بالمرة، لكن! يعيب الرواية اعتمادها بشكل كبير على الصدفة، كيف كان البطل في البار في هذه الوقت تحديدا ولم يره أحد وكيف تعرف لاحقا على جودة الذي صور نفس الحادثة من مكان آخر وبصورة أوضح وكيف وجد الصحفي الفاسد وبقية ثلة الفساد يتعاهدون البار الذي عمل فيه وصولا إلى طرد الصحفي "علاء" في نفس اليوم الذي قرر فيه أن يبدأ كشف ورقه وكيف تعرف بفراسة منه على العبارة التي بسببها طرد الصحفي! لا أدري لكن اعتقادي أنها مبالغة نوعا ما رغم علمي الكامل أن الرواية لم تكن لتسير بغير هذا ولم تكن لتلبس هذا الثوب المثير بدونها، فيمكننا تسميتها "محاسن الصدف".

أحمد أبدع في الوصف، أبدع في وصف التفاصيل وهذا شيء ليس غريب عن مصور محترف من المفترض أنه يلمح ما يعيب الصورة في ثواني لذلك تمكن من رسم الصورة الكاملة الغير متناقضة بسهولة شديدة، أيا كنت وأيا كان توجهك الأدبي، حين تقرأ الرواية وتمر بمشهد ما وهو يصف الأثاث والإضاءة ولون الجدران وملامح الحاضرين بل وسيصف شعورك حين تدخل مكان مشابه ستجد نفسك تنبهر بما تقرأ وربما تعيد قراءته مرتين تلاتة.

في نظري أنها رواية ثورية وتشكل نقلة رهيبة في الرواية المصرية وظلمت ظلما فظيعا حين "عملوها مسلسل" كما يقولون! الإخراج ببساطة وبأسف كان أدنى من المطلوب ومخيب للآمال جدا وتغيير الشخصيات وتغيير جنس أحمد ليجعلوه هند صبري قتلني شخصيا! هند صبري ليست معتادة ع الكاميرا أصلا مسكتها للكاميرا غلط في كل مرة بشوفها ماسكاها بحس الكاميرا تقيلة عليها وكونها مبتلبسش حزام الكاميرا أبدا ده شيء مستفز جدا! والمخرج ضيق الخيال نوعا ما، لم أشاهد إلا سبع حلقات تقريبا وفيها جميعا كانت هند صبري ممسكة بكاميرا أظنها نيكون وعدسة أظن أنها وايد آنجل، لم تتغير العدسة في ولا مرة من تلك المرامير التي وفقت فيها للحاق بالحلقة، ومن معرفتي بمصورين محترفين أعرف أن هذا ليس منطقيا، لعلي أشاهده كاملا على ام بي سي فور من أوله لآخره بعد العيد كي لا أظلمه.

ورغم كل شيء فأنا أثق أن سَلْسَلَةَ الروايةِ ستظلمها أيا كانت المقدمات والأدوات، رواية دسمة كهذه تصنع كفيلم عبقري يرشح لأوسكار وجولدن جلوب وغيرها من الجوائز، فقط لو توفقوا في اختيار الممثلين وأحسنوا اختيار المخرج، "يعني لو لقيتوا حد زيي هيكون ممتاز، وأنا فاضي على فكرة"!
اقرأ فيرتيجو! وسامحني على كل مرة كتبت فيها ألف بعد الواو وأنا بكتب اسم الرواية!
اقرأوا فيرتيجو ومش هتندمو!

Saturday 28 July 2012

بدعة

حديث النبي عليه الصلاة والسلام ((من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد)) لم أنشغل كثيرا في التفكير فيه وفي معناه، لم أتوقع يوما أن مفهوم "الرد=البدعة" سيكون مستعصيا فهمه على أي إنسان. لكنني بدأت بمراجعة نفسي حين وجدت من يصنف المسح على الوجه بعد الدعاء أنه بدعة وقول "اللهم" إني صائم بدلا من "إني صائم" على أنها بدعة وختم القرآن في تراويح شهر رمضان بدعة والدعاء بعد الصلاة بقول: حرما! بدعة وحتى الدعاء بقول: تقبل الله! بدعة برضه! 
إذا أين هذه الـ "منه" الواردة في الحديث؟ يعني بالضبط ما مفهوم الإسلام والسلام عندكم؟ يعني لو كان لديكم أي وسيلة تحصرون بها الإسلام عن طريق ذكر كل كبيرة وصغيرة من أفعال النبي عليه الصلاة والسلام فأرحب بأن تطرحوها الآن وتستشهدوا على صحتها بصور وفيديوهات! وإن لم تفعلوا فلا شيء لكم عندي ولا تكلمون! 

لن أخوض في الحديث عن كيفية تحديد البدعة وكيف يمكننا أن نحكم على فعل أو قول أنه بدعة ليس لأني لا أعرف معناها بل لأني لا أملك العلم الشرعي واللغوي الكافي، لكني أطالب أيضا الذين يبدِّعون كل ما تفعله أمة محمد عليه الصلاة والسلام أن يأتوا بدليلهم على بدعة القول أو الفعل الذي يزعمون أنه مبتدع! 
لأن أمثال هؤلاء هم الذين يشقون على الناس دينهم وهم الذين ُيشادُّون الدين وينسون أنه سيغلبهم! لأنك ببساطة لا يمكنك أن تواجه ابتسامة رجل ستيني في المسجد وهو يقول لك: حرما! بأن تقول له: بدعة!! بذلك الأسلوب الغليظ وتلك التفافة التي لا أعلم كيف يقدرون على إخراجها من كلمة كهذه! فحينها لن يسع الرجل إلا أن يلعن اليوم اللي .... ويلعن أم ..... ويشتم في أبو الـ.... !
لا أقول لهم توقفوا عن هذا الهراء خوفا عليهم من شيء فلو كان عليا لدعيت عليم أن يتحرقوا بجاز! لكن أقول توقفوا لأنكم تتحدثون باسم الدين وهذا الرجل الستيني سيذهب لأهله لا يلعن فلان بن فلان بل ليلعن الشيخ اللي قاله في المسجد إن الدعاء بأن يجمعنا الله في صلاة كهذه في الحرم "بدعة"! 

ولامؤاخذة!!

Sunday 22 July 2012

فتنة القراءة

عامان كاملان قضيتهما في عزلة عن مطالعة جديد الأدب نظرا لانشغالي بما يسمى "أهم مرحلة ف حياتك" والتي هي عزيزة جدا على كل طالب مصري وعربي زي حالاتي ولن أبدأ في الحديث عن حبهم الشديد لها وحجم أسفهم الشديد أنها مرت بهذه السرعة وهم يا عيني لسة مشبعوش منها! ولأن "عامين" من عدم مطالعة الجديد في الأدب العربي وعدم معرفة ما أصبح رائجا بين الكتاب وما هرب من عباءة العيب وما تطور ليصبح وسيلة للإضحاك هي كثيرة "أقصد هنا العامين" فلم ألتفت لمضايقات أخي وابن عمي وسخريتهما وأنا أقرأ بلال فضل في الميكروباص ولم أضيع وقتي ووقت عم بلال في الرد على سائق الميكروباص الذي ظننت أنني سأجد السكينة في الكرسي المجاور له وهو يقول بصوت خشن مصاحب بتفافة أغرقت الكتاب: (بتقرا لبلال فضل؟ طب ده الشيخ فلان قال عليه كافر) رغم رغبتي الشديدة حينها في استخدام كلمة مشابهة لأحيه الاسكندرانية في النطق ومتوازية مع "أفا" الخليجية في الكتابة إلا أنني كتمت هذه الرغبة أو بالأحرى أُكتمت هذه الرغبة من طرف ثالث. 
لكني لم أتمكن بعد من فهم هذا السؤال الغريب الذي طرحه علي أهلي كلهم تقريبا حتى الآن: (هوا إنتا بتشتري كتب ليه؟ ماانتا تقدر تلاقيها كلها ع النت) صحيح أنني كنت أتجنب الحوار بقولي: (ملقتهوش ع النت) لكني لم أتوقف عن التفكير في الأنانية الموجودة في السؤال! وليتها كانت أنانية وحسب! فالسذاجة المصاحبة لهذه الأنانية لا تشابهها سذاجة، حقا؟! هل ترى في منفعة صاحب الموقع الذي قام برفع الكتاب بشكل غير قانوني خيرا لك لمجرد أنك ستقوم بتحميله في وقت قصير؟ وتراها مضيعة للمال أن ندفع في الكتاب المطبوع بضعة جنيهات تصل لصاحب الفضل الحقيقي؟ لست كاتبا صحفيا أو من الذين نشرت لهم كتب لأقول لكم ما إن كان هذا الأمر يضر الكتاب أو الكاتب من حيث عدم القدرة على الحصول على تقييم حقيقي وكامل لمبيعات الكتاب أم لا لكن بحكم خبرتي في البحث عن الكتب الممنوعة يوم كنت في السعودية يمكنني التأكيد لكم أن أعداد التحميلات هذه كفيلة في بعض الأحيان بسد مجاعات دول! 
في الحقيقة أنا لا أشتري الكتب لهذا الهدف وحسب "تنفيع الكاتب" رغم اعتقادي الكامل أن مجرد تعبه في صياغة كتاب وعنوان ملفت لدرجة أني سأقول "أريده" قبل أن أسأل "بكام" تستحق التقدير وتستحق ما تأخذه من مال، لكني أرى أيضا أن رائحة الورق ومتعة التقليب بين الصفحات تعطي للقراءة تميزا لن تحصل عليه من خلال الأجهزة الحديثة سواء كنت قديما ما تزال ع الكومبيوطر أو حديثا وصل بك الأمر لاستخدام الأجهزة اللوحية وهذا كلام يصدر من شخص جرب جميع تقنيات قراءة الكتب! القراءة في الأدب بشكل خاص هي التي تمهد الطريق للكتابة في كل شيء ولأني متأكد أن قراءة مقال اجتماعي واحد حصلت فيه النشوة لكاتبه المبدع..كفيلة بأن تجعل شخصا مثلي مستعدا لكتابة عشرة مقالات شبيهة إن لم تدفعه دفعا لكتابة مقال مختلف في التو واللحظة! فأنا موقن أنه حين تصل ثقافة الكتابة الإبداعية للعلماء والأطباء سنتمكن من رؤية "العيال الدحيحة" يخرجون بفائدة حقيقية بعد قراءة ملحق التكنولوجيا في جريد الأهرام "مثلا" وبمرور الوقت سنتمكن بصفتنا "مصر الثورة" من إدخال هذه المقالات المحترمة للمناهج التعليمية القادمة والاستعانة بها وذلك طبعا بعد أن نرتقي بتعليمنا ونجعله يخاطب العقل،، لا يحاربه!

Wednesday 27 June 2012

تكافؤ الفرص!

أحضر بقرة وحمارا وحشيا وأسدا وفيلا وزرافةً وقردًا.. وحاول إقناعهم أنه توجد طريقة واحدة فقط للحكم من الأسرع بينهم وهي عن طريق تسلق الشجرة الضخمة في وسط الغابة! إن لم تمسكك الزرافة بفمها وتلقي بك بعيدا بعد أن ينهش الأسد ما ينهش وبعد أن يرفس الحمار الوحشي فيك بمعاونة من البقرة وبتشجيع من القرد الذي سيكون أنسب تعبير للغباء الذي تحاول فعله! سيكون لنا كلام آخر! فأنت حينها إما ساحر وإما أنك هددت هذه الحيوانات بقتل أطفالها!

لأن الحيوانات على الفطرة، فهي تعلم أنها لها قدرات ومزايا مختلفة عن القدرات والمزايا الموجودة لدى البقية لا يمكنك إقناعها بهذا الشيء، لكن خمن أمرا في غاية الغرابة! نحن البشر الذين نقوم بالتباهي بأننا تميزنا عنهم "بالعقل" اقتنعنا بالفكرة بسهولة وبساطة بل إن بعضنا يدفعون أموالا مقابل خوض ذلك الاختبار "العادل"، الفكرة أنك تجمع كل الصغار في العالم "العربي" وتنشئ مبنى ضخم وتسميه "مدرسة" وتقوم بحشو عقول الصغار في عملية منظمة ومرتبة بحصص ومواعيد دقيقة بأشياء متناقضة وغير قابلة للنقاش ومبادئ لن تعمل أنت بمعظمها وتستمر في هذه العملية بإصرار وعزيمة ودقة متناهية تتمثل في حرصك الشديد على عدم احترام عقولهم وعدم إعطائها قدرا كافيا من المساحة للتفكير فيما تستقبله، وبعد 12 سنة من الحشو الذي أسميته "تعليم" أعطهم ورقة برقم في أسفلها وأخبرهم أن اقتراب هذا الرقم من المئة يعني أنك "كويس" ولا تنس أن تلقي عليهم الكلمة الهامة "مستقبلكم الآن يعتمد على جامعتكم" وودعهم بالعبارة الرائعة التي تزرع فيهم الأمل "الله يوفقكم" واحرص على أن تحافظ على ابتسامة عريضة على وجهك حتى "تكمل الطبخة"!

ثم اخرج بعدها في برنامج تلفزيوني أو في صحيفة خاصة وانظر للكاميرا شزرا وتساءل: لماذا العالم العربي يعتبر عالما "متخلفا"؟! 

صحيح.. كأنك لا تدري!

Monday 18 June 2012

عبيط!

لم أفهم يوما معنًى حقيقيًّا للعبارة "مش لاقي شغل"! كيف؟ لأ فعلا توقف لثوانٍ وفكر.. كيف يمكن لأحد أبناء آدم عليه السلام أن لا يجد "شغل"؟ الفكرة ليست في أنه ابن آدم! المشكلة الأساسية في "الشغل" الذي لا نبالغ حين نقول أنه "متنطور" في كل حتة وإيجاده أسهل من إيجاد ربع جنيه مخروم والذي يعتبر عملة نادرة الآن! 
التعبير الأنسب قد يكون "مش لاقي شغل بمستوايا" وهذه ليست مشكلتنا حقيقة! "وأنا عارف إني هندم ع الكلمة دي" فالشغل شغل! 
السؤال الذي أود طرحه هو: لماذا يمكننا أن نجد دكتورًا يعمل في ورشة سيارات مثلا أو في شركة اتصالات أو مندوب مبيعات ولا نبدي استغرابا تجاه الأمر، لكننا نستغرب أشد استغراب حين نجد دبلوم صنايع يعمل كجراح قلب أو حين نجد أخصائي كهرباء سيارات يعمل استشاري أنف وأذن وحنجرة أو حين نجد -وهذه حقيقة- خريج معهد فني يعمل جراح ويستخدم الساطور والمسن في عملياته الجراحية البائسة!؟
هذا سؤال مهم.. لماذا كان عندنا رضى كمجتمع تجاه صاحب الشهادة العالية الذي يعمل في وظيفة أقل من شهادته وعدم رضا من عمل ذي الشهادة المتدنية في وظيفة أكبر من تعليمه؟ الإجابة: نحن شاركنا في صنع الجريمة، نحن سنبقى السبب في خروج أجيال مايعلم بيها إلا ربنا إذا ما لم نتوقف عن إقحام أبناءنا في مدارسنا وإجبارهم على تعلم مناهجنا التي لا تغني ولا تسمن من جوع! المنهج العربي يقول للطالب: أنت عبيط! ويطلب منه أن يكتبها أربع مرات كواجب منزلي وحين يتطور قليلا يطالبه بأن يقولها غيبا وبعد فترة وجيزة يطالبه بالإجابة عن السؤال التالي: ما أنت؟ ليرد ويقول: أنا عبيط! هذه هي الفكرة العامة، ولا شك أن النظام به حسنات وبه "بعض" الفوائد لكنها تبقى أشياء غير جديرة بالعقل البشري ومن الإهدار أن أستمر في كبت القدرات العقلية لأبناء العرب حتى يبلغوا ولا يبقى لديهم وقت لاستخدامه نظرا لأنهم كما قلنا "بلغوا"، أعني هل نحن حقا في حاجة لأن نتعلم كأطباء وكمحامين ومهندسي طيران وطيارين وإعلاميين عن التركيب الصخري لحجر الرخام؟ كيف نشأ وكيف ترعرع؟ 
بالله عليكم أي نوع من أنواع "القفا" يمكننا أن نسمي هذا التعليم الذي يجدني طالبًا في الصف الثالث الثانوي عندي 18 سنة ويقول لي: 
العز والمجد في الهندية القضبِ.... لا في الرسائل والتنميق للخطبِ
ويطالبني بأن أصرح وأعترف وأقر بأن هذا كلام صحيح وفي غاية الروعة!؟ 
وهذا مثال واحد في بحر من الأمثلة التي لا تقول إلا شيئا واحد: أنت عبيط يا طالب! ولكنها تأتي في نهاية العام لتسألني في الامتحان: أنت عبيط يا طالب؟ وعلي أن أقول نعم! 


Monday 11 June 2012

القضاء والقدر

حقيقة لا أعرف لماذا يتحدث الناس عن القضاء والقدر بهذا الكم الهائل! معظم الأسئلة التي تكون على غرار: لماذا لم تنجح في الشيء الفلاني؟ لماذا لم تتم إنجاز ما طلب منك؟ لماذا لم تتمكن من تحقيق هدفك؟ لماذا نصبت عليك الحكومة ولم تتمكن من استرداد حقك؟ لماذا ظُلمت ولم تفعل شيئا حيال ذلك؟ 
كل هذه الأسئلة وغيرها الكثير تكون إجابتها غالبا أثناء حوارك مع إنسان مسلم هي: "قضاء وقدر"
ألا تشعر قارئي العزيز أن موضوع "القضاء والقدر" أمر نصدقه ونؤمن به لكن لا يجب علينا الحديث عنه في كل مناسبة؟ القضاء والقدر موجود لكن الله لم يأمرنا بالعمل بمبدأ "القضاء والقدر" بل قال: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) لا أرى أي ِذكرٍ للقضاء والقدر هنا! وتقريبا في جميع آيات العمل والجزاء الأُخروي يقول الله تعالى "اعملوا" ولا تجد أي إشارة للقدر تتبعها أو تسبقها! 
فالعمل بإتقان مطلوب ومطاردة النجاح مطلوبة والسعي بكل جهد لتحقيق الهدف المنشود مطلوب وبشدة! وأيضا السعي في طريق طلب الحق وعدم الرضا بالظلم وعدم التوقف عن المطالبة بالحق لمجرد أن خصمك أقوى منك! هذه أشياء مطلوبة! فلا يحق لك أن تقول "قضاء وقدر" وتضع يدك على خدك وتتوقف عن مطاردة أحلامك وتنتظر تحقق القدر! 
لأنك لو فكرت معي لوجدته أمرا غير منطقيٍّ أن يقول لك الله "اعمل" ويقول لك "قضاء وقدر" تعالى سبحانه عن ذلك! فهو الحكيم العدل! فالمقصد الأساسي من وراء العمل ومعرفة أن الأمور مكتوبة ومقدرة هو الرضا الذي يحصل للمؤمن حين يعمل ويعمل ويعمل ولا يحصل على ماكان يأمله! وهذا ما يشير إليه النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: ((عجبا لأمر المؤمن، كله خير! إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له)) أو كما قال عليه الصلاة والسلام! فالفكرة في أن يقينك بأن أمر الله نافذ وأنك كمؤمن تحصل لك البركة في العمل ويحصل لك التوفيق من عند الله تجعلك متقبلا لفكرة الخسارة بعد التعب الشديد في طريق النجاح! لكنها في نفس الوقت تعطيك دافعا للعمل بأكمل وجه! 

لذا أرى من وجهة نظري أن كثرة استخدام عبارة "قضاء وقدر" يورث الكسل ويعبر في أحيان كثيرة عن الجبن والخوف كما أنها بعكس ما يظن البعض منافية لمبادئ الشريعة وبها عمل بإحدى أخطاء بني إسرائيل "أتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض" ؟؟ فالقدر المكتوب قبل أن نولد كالنية الموجودة في القلب! فنؤمن به لكن لا نتحدث به ولا نستخدمه كعذر لتقصيرنا! 

دمتم مؤمنين!

Sunday 10 June 2012

قاطع ياعم!

عمري ما حبيت الكلام في السياسة! كانت ملاحظتي الدائمة بشأن "شكلي" العام بعد أن أنتهي من خوض أي مناقشة مرتبطة بالسياسة بشكل ما، هي أن شكلي يصبح "مخيف"!! فعلا... يعني أنا الآن وأنا ابن 17 عام! كيف يمكن لك إقناع شخص من أي جيل أكبر منك أن أن رأيك الذي يتلخص في أن "أحمد شفيق راجل قذر" أصوب من رأيه الذي يتلخص في أن "الاتنين أوسخ من بعض"! طيب شفيق قتل ناس وساعد حسني يقتل ناس وسكت على حسني لما قتل ناس، وجه بعد كل ده يقول تصريحاته الشهيرة بدءً من تصريح البونبوني ومرورا بالتبرير ومبارك مثلي الأعلى وصولا إلى "الخمسين سنة اللي هقعدهم عارف هعمل إيه"! بأي حق يا عمي اللي أكبر مني عايزني أتفق معاك إن شفيق ومرسي على نفس الدرجة من "الوساخة" مع مراعاة إن استخدامي للتعبير ده بعده يعتبر قلة أدب وقباحة من قبلي! 

الآن أنتم يا مصريين الخارج والداخل يامن ستنتخبون شفيق ويامن ستقاطعون انتخاب مرسي! هل وصل بكم بعد النظر إلى التبنؤ بما سيفعله الإخوان المسلمين بمصر بمجرد النظر لما فعلوه في السنة الأخيرة؟ "مع مراعاة أنكم لا تحكمون إلا بما أخبركم الإعلام أن الإخوان فعلوه في السنة الأخيرة" يعني أنتم الذين رأيتم ما حصل من العساكر في سنة 52 وأبقيتم عليهم حتى 2010 كيف يمكنكم دفعي لأن أصدق أن فيكم من بعد النظر ما يؤهلكم لإطلاق حكم كهذا؟! وإن قال قائل أن هناك من الشباب من سيقاطع ومن سينتخب شفيق فدعوني أن أقول هنا مع الأسف أن "الاتنين أحمر من بعض" فإن كان من شباب الثورة وانتخب شفيق فقد خان دم من شاركوه الثورة! وإن قاطع الانتخابات ونادى بالمقاطعة زعما أنها الحل فقد خان عقله! لأن المقطاعة لو كانت هي الحل فعلا لقاطعت الاستفتاء والانتخابات البرلمانية ومجلس الشورى والجولة الأولى من انتخابات الرئاسة! فأن نأتي الآن ونلبس "توب" الوطنية الذي ادعى شفيق لبسه عن طريق كونه "قتل واتقتل" لا يجعلنا أكثر ذكاء منه وهو يقول "الجمال كانت رايحة ترقص في الميدان"! فبنفس الطريقة تضحك على عقلك! ولن ينوبنا ولن ينبوبك إلا الخراب من وراء المقاطعة التي فحواها بكل بساطة هو "شفيق"! 

فرسالتي كشاب عنده 17 سنة وهيكمل 18 في آخر أغسطس، إلى كل مقاطع لانتخابات الإعادة أيا كانت حجته وأيا كان تاريخ بدءه لموجة "مقاطعون":
لو إنتا مفضلتش قاعد في الميدان ومطلعتش منه غير عشان تخش الحمام أو عشان تاكل! وقعدت في بيتك ولو يوم واحد بس وانتا راضي ومقتنع بعد خطاب التنحي!
يبقى متجيش دلوقتي تقول إنك بطل وإنك أعقل واحد في مصر! لأن مفيش مصري هيقبل بكدة! لو شفيق جه هتبقى الصناديق جابته! وساعتها هكون أنا رجعت مصر وهكون جنبك في الميدان وممكن نموت مع بعض! الفرق المرة دي إن دمي هيبقى في رقبتك ورقبة كل واحد قاطع وكل واحد انتخب شفيق! لأن لو كان اللي انتخب غبي فاللي قاطع بيستعبط!
سلامه عليكم!

Friday 8 June 2012

سينيمانا

لسنين وسنين عانت السينما والمسرح المصريان من وجوه مخيفة ومخرجين مبيخافوش ربنا وممثلين وممثلات ميتين على نفسيهم. 
الشيئ الذي جعلنا لا نجد نشوة مشاهدة الأفلام والمسرحيات إلا في أعمال قليلة جدا ونادرة جدا جدا نظرا لكون هذه الأعمال التي أتحدث عنها غالبا ما تكون من زمن الأبيض والأسود وزمن الكاميرات المبكسلة القديم، حتى قناة روتانا زمان التي تحوي مكتبة في قمة الروعة وتمتلك مجموعة من الأفلام والمسرحيات التي تفخر بها السينما المصرية تبخل علينا هذه القناة دائما بإخراج ما في مكتبتها من روائع ولا يعرضونها إلا في المواسم، أما الأفلام والمسرحيات الملحمية والتاريخية والدرامية مثل فيلم إحنا بتوع الأتوبيس وفيلم الشيماء ومسرحية كارمن ومسرحية سكة السلامة وفيلم الناصر صلاح الدين وفيلم وراء الشمس الرائع وغيرها الكثير من الأفلام والمسرحيات التي تكفيك رؤية مشهد واحد منها لتقع في غرامها ولتنخرط في دوامة الإبداع التي أبدعها مخرجون كبار وصَوَّرَهَا ممثلون متفانون... الدعوة لكي نهتم أكثر بالسينما والأفلام ليست دعوى فجور وفسوق وتفاهة وليست شيئا مهمشا لا يجدر بنا الالتفات له في هذه الفترة من عمر مصر بل هي شيئ مهم ورئيسٌ جدا كون السينما والمسرح سابقا استطاعا أن يجعلونا نحب أشخاصا كعبد المنعم مدبولي ومحمد صبحي وفؤاد المهندس وحتى عادل إمام ونفس السينما والمسرح هما ما جعلانا نكره عادل إمام وسمية الخشاب وغادة عبد الرازق، ليست دعوى فساد بل هي دعوة نشر للتهذيب والإصلاح وحب الوطن هي دعوة للضحك دعوة للعمل دعوة للإيمان لكي تفهم جزءً مما أقوله انظر لمشهد عبد المنعم مدبولي وهو يزحف على أربعٍ ومربوط من رقبته والضابط يقول له: الكلب بقا لم يحب يقول حاجة لصاحبه يعمل إيه؟ انظر لوجهه وتأمله وهو يقول: هَوْ!! ستجد كل شعرة في جسمك تقف وسيتملكك شعور قوي بأن تخنق هذا الضابط وتسلم على رأس الراجل العجوز (مدبولي) وتقول له: آسفين إننا سبناه يهينك يا أبويا! انظر لوجه عادل إمام وهو يسمع كلمات أحد السجناء وهو يقول: ليا مين غيرك يا بلدي!! ستجد عيناه الحزينة تمثل شعوره المخزي بالضعف وسترى شفتاه المطبقتان تمثلان الشعور الحقيقي بالغضب المبكوت، الغضب الذي لا يستطيع أن يؤثر. هذان المشهدان من نفس الفيلم (إحنا بتوع الأوتوبيس) ليسا هما المشهدان الوحيدان الذان فاقا الوصف في الفيلم وفي السينما المصرية عامة أفلام أخرى كثيرة ومسرحيات أكثر كانت على نفس الوتيرة من قوة وقدرة على التأثير في المشاهد والتحليق به بعيدا ليس فقط من روعة النص وجمال الهدف والمغزى بل أيضا من إبداع الإخراج وتفاني الممثلين رغم امتلاكهم لإمكانات قليلة إلا أنهم تمكنوا من تصوير مشاهد في غاية الروعة وفي قمةِ قمةِ الإبداع، مشاهد خلدت فتح بيت المقدس ومشاهد أخرى أرتنا (لا) التي لم يجرؤ أحدٌ أن يقولها سابقا مشاهد منحتنا مساحة نضحك فيها على غباء الظالمين ونبكي فيها على حال المظلومين، مشاهد أخرجتها السينما المصرية التي تولى أمرها أخيرا أشخاص لا يقدرون حجم المهمة التي أوكلت إليهم.

من مصر!! نعم والله من مصر التي أخرجت الليمبي وكباريه وحاحا وتفاحة وبوبوس خرج فيلم إحنا بتوع الأوتوبيس وخرجت كارمين وخرجت سكة السلامة والناصر صلاح الدين -مع التحفظات عليه- والشيماء وعنتر ابن شداد لكي نمتلك نحن معشر محبي السينما والمسرح سببا يجيز لنا أن نقول: إن السينما قد تنقل أكثر من مجرد ضحكات وشهوات ونزوات ورقصات، السينما قد تنقلك لعالم تبكي فيه مع المظلوم تنفعل فيه مع الثائر تختلط مشاعرك فيه مع العاشق. 

لهذا السبب ندعوا لأن نهتم بالسينما والمسرح لأنها كانت وستبقى وسائل تصفع الظالم على وجهه وتعلي شأن المظلوم، ستبقى وسائل للتنفيس عن المحب ولإضحاك المكتئب، فمتى يا ترى يعود الزمن الذي نرا فيه عباقرة كفؤاد المهندس وعبد المنعم مدبولي ومحمد صبحي وعادل إمام (صغيرا) ونور الشريف (صغيرا) يعودون بسينما نظيفة تهذب النفس؟

Tuesday 5 June 2012

متهم حتى تثبت إدانتهم! اختبار الفيزياء4

أنتم مثل أولادي! 
لعل هذه أبرز عبارة سمعناها من كل إداري جلسنا معه اليوم، وللأمانة فإني لم أشعر بصدق هذه العبارة إلا من آخر ثلاثة جلست معهم! الموضوع ببساطة أن حقنا هضم بدون ذنب وبالقانون! بالقانون يا إخواتي بالقانون! 
فهم بالقانون وجدوا أن معدل درجات الطلاب طبيعي! أي أنهم وجدوا نسبة ممتازة ونسبة جيد جدا وأخرى جيد ونسبة مقبول ونسبة ضعيف! مع مراعاة أننا لم نلتفت للمقبول والضعيف والجيد وننظر لمستواهم طوال السنة! أو مستواهم في الفيزياء في اختبارهم السابق! أو ننظر لبقية اختباراتهم! كل ما فعلناه أننا صححنا أوراقكم وراجعناها! انتهى الدرس يا غبي!
واليوم بعد أن زرنا مكتب الشمال وبدأنا بالتظلم اكتشفنا أن النظام ينص على شيء غريب جدا! يمكنكم ضم هذه القاعدة لجملة القواعد الكثيرة التي امتلأت رؤوسنا بها:
أنت كطالب مظلوم تعتبر متهم حتى تثبت إدانة الظالم وحينها سنعاقبه وعلى بلاطة كذا "ما حنسأل فيك"!
الحوار مع إدارة الشمال كان كالتالي.. مهمنا لفينا ودرنا نرجع لهذه النقطة:

هم: المدرس لم يشرح الثلاث أبواب الأخيرة؟ ليه ما كلمتوا الإدارة؟ 
نحن: كلمنا الإدارة! والإدارة ما اتخذت أي إجراء! 
ثم نعود لنقطة لا أعلم لماذا نعود لها ونحن لم يشرح لنا حتى نصف المنهج والتي تتلخص في: أنت ملزم بالمنهج كاملا! 

يال حلاوة هذا المنهج ويال طعامته! أنا لم أأخذه يا جماعة! "أعد إدخال الحوار السابق هنا"

انتهى الكلام هنا انتهى حقي وحقكم هنا وانتهت كل فرصة لتأخذ حقك "بالقانون" هنا! يبدو أنني الآن فقط فهمت منهج التعليم هنا!

أنت طالب؟ خذ هذه المناهج المليئة بالمعلومات التي ستنسى ثلاث أرباعها بمجرد خروجك من الثانوية ومالن تنساه لن تستفيد منه في بقية حياتك! لعل هذا قد يلهيك ويجعلك تخرج بدماغ متبلد! 

أوه؟! مازلت طالب؟ مازلت بعقلك وقدراتك الخاصة ووميزاتك الرائعة يالك من خطير! مازلت تذاكر وتنجح وترتقي في مراحل حياتك وأصبحت بحاجة لكل درجة وحريص على كل درجة؟! خذ اختبار القدرات والاختبار التحصيلي! لعلك تدرك لأي درجة أنت غبي بهذه الطريقة! وإن لم تكن فعلا غبيا فلعلك تفلح في اكتشاف غباء في أحد أركان دماغك! ولعلنا نتمكن من زيادة عدد العاطلين لدينا! 

ياللهول؟! مازلت طالب؟! مازلت تنجح في القدرات وبنسب مرتفعة وتتجاوز التحصيلي بسهولة؟ خذ هذه المعلومات الجديدة إذًا! لعل كل ما أأخذناك إياه لم يكفي!:
هل تدرك أنك لا تعرف لائحة النظام الذي يطبق عليك يوميا؟
هل تدرك أنني أستطيع إجبارك على مدرس رياضيات غثيث لثلاث سنوات متتابعة وأتجاهلك بالكامل مهما طالبتني بأن أنقلك لفصل آخر فيه مدرس أفضل؟
هل تدرك أنه حتى لو كان مدرس الفيزياء جيد في الشرح فبإمكان إدارة المدرسة ألا تقدر ظروفه وتجعله يلعن سلسفيلك وبنفس الطريقة تقوم بتجاهلك حين تعترض على تأخرك في المنهج؟ 
هل تدرك أنه وبرغم معرفتنا أنك تأخرت في المنهج وأنك درست أقل من نصف المنهج يمكننا إحضار أسئلة من مدرسة أخرى وإجبارك على الخضوع لها مع مراعاة أن تكون الأسئلة في كامل المنهج الذي لم تدرسه؟
هل تدرك أن كونك طالب عبقري في الرياضيات يمكنه التسبب في بهدلة زملائك وضياع حقهم؟ الله يهديك كان خليتك غبي ياخي! كذا أبليت زملائك!

يا الله! أنا فعلا لا أعرف كيف لا أزال طالبا حتى اليوم! 
خذ! وخذ! وخذ! وخذ! حتى تعبنا! والله تعبنا! والطلاب يخرجون من الثانوية متخبطين، بنسب عالية! لكن لا يعلمون بعد لأي مكان يتجهون! صدقوني هذا النظام لم يوضع كي يخرج متعلمين بقدر ما وضع ليكرف أم من يقدرون على تحصيل العلم فعلا ويخرجهم "فناطل"! فإن نجوت من هذا النظام وحصلت بعده على علم ينفعك فسأطلب منك أن تخاويني إلى أمريكا! وإن لم تنجُ فاعلم أن الله سيبقى حيا! عدلا! منتقما جبار!

لكن! لن يحصل إلا الخير ولن نتوقف هنا! رغم أن السدود أحاطت بنا من كل جانب! لنا الله! ونعم بالله!

دمتم كالبشر! لا يضركم نظام تعليمي مهما حصل!

Monday 4 June 2012

أبو وجهين! اختبار الفيزياء 3

لا أعلم ماهي الأخلاقيات التي تحاول مدرستنا تعليمنا إياها! يعني من جهة ربونا على أن لا نظلم وأن "الظلم ظلمات يوم القيامة" ومن جهة أخرى لا يمكنك أن تلمس أي نوع من أنواع التعاطف أو تقدير الكارثة التي وضعونا هم فيها! كل ما نسمعه منهم من أمس هو "الموضوع بيد إدارة التعليم الآن" طيب من نقله ليدها يا جماعة! علمونا دوما حديث النبي عليه الصلاة والسلام ((كلكم راعٍ وكلم مسؤول عن رعيته)) والآن الراعي يتعامل معنا وكأننا قطيع غنم هائجة لا مصلحة لها ولا مستقبل لها! 
أمس! حين تجمع مجموعة كبيرة من الطلاب أمام مكتب المدير كان التصرف الوحيد من قبل المتواجدين من المعلمين هو "يلا يا شباب بكرة إن شاء الله نشوف الموضوع! يلا الجميع برا بسرعة!" بدون أي تقدير لثلاثين درجة مضروبة في أربعة لن تخسف معدلنا وحسب بل ستخسف بمستقبلنا كاملا! 
دروس كثيرة تعلمناها في المدرسة في اليومين الأخيرة لم يسعنا إلا أن نشير بوضوح إلى أن "بعضا" ممن كانوا ضمن تلك المنظومة التعليمية لا يعملون بها! 
"كلكم راعٍ" أعتقد واضح حجم هذه القاعدة بالنسبة لهم!
"الظلم ظلمات" ربما مصطلحهم يراه إضاءات! أو أنهم لا يرون ظلما فيما حدث!
"لا تكن ذا وجهين" أعتقد الرسالة وصلت!


لكن ما يهمله الموجودون في صورة الظلم هذه! وكل من له يد! وكل من لايدرك حجم الظلم! أننا لسنا كأي جيل! نحن تعلمنا أن الساكت عن الحق شيطان أخرس ومن هذا المنطلق لن يكون هناك أمل في أن نسكت عن حقنا! أنا أعرف أني لن أفعل وأثق أن كثيرين غيري يقفون معي على نفس المبدأ!
وإن شاء الله خير!