Monday 11 June 2012

القضاء والقدر

حقيقة لا أعرف لماذا يتحدث الناس عن القضاء والقدر بهذا الكم الهائل! معظم الأسئلة التي تكون على غرار: لماذا لم تنجح في الشيء الفلاني؟ لماذا لم تتم إنجاز ما طلب منك؟ لماذا لم تتمكن من تحقيق هدفك؟ لماذا نصبت عليك الحكومة ولم تتمكن من استرداد حقك؟ لماذا ظُلمت ولم تفعل شيئا حيال ذلك؟ 
كل هذه الأسئلة وغيرها الكثير تكون إجابتها غالبا أثناء حوارك مع إنسان مسلم هي: "قضاء وقدر"
ألا تشعر قارئي العزيز أن موضوع "القضاء والقدر" أمر نصدقه ونؤمن به لكن لا يجب علينا الحديث عنه في كل مناسبة؟ القضاء والقدر موجود لكن الله لم يأمرنا بالعمل بمبدأ "القضاء والقدر" بل قال: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) لا أرى أي ِذكرٍ للقضاء والقدر هنا! وتقريبا في جميع آيات العمل والجزاء الأُخروي يقول الله تعالى "اعملوا" ولا تجد أي إشارة للقدر تتبعها أو تسبقها! 
فالعمل بإتقان مطلوب ومطاردة النجاح مطلوبة والسعي بكل جهد لتحقيق الهدف المنشود مطلوب وبشدة! وأيضا السعي في طريق طلب الحق وعدم الرضا بالظلم وعدم التوقف عن المطالبة بالحق لمجرد أن خصمك أقوى منك! هذه أشياء مطلوبة! فلا يحق لك أن تقول "قضاء وقدر" وتضع يدك على خدك وتتوقف عن مطاردة أحلامك وتنتظر تحقق القدر! 
لأنك لو فكرت معي لوجدته أمرا غير منطقيٍّ أن يقول لك الله "اعمل" ويقول لك "قضاء وقدر" تعالى سبحانه عن ذلك! فهو الحكيم العدل! فالمقصد الأساسي من وراء العمل ومعرفة أن الأمور مكتوبة ومقدرة هو الرضا الذي يحصل للمؤمن حين يعمل ويعمل ويعمل ولا يحصل على ماكان يأمله! وهذا ما يشير إليه النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: ((عجبا لأمر المؤمن، كله خير! إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له)) أو كما قال عليه الصلاة والسلام! فالفكرة في أن يقينك بأن أمر الله نافذ وأنك كمؤمن تحصل لك البركة في العمل ويحصل لك التوفيق من عند الله تجعلك متقبلا لفكرة الخسارة بعد التعب الشديد في طريق النجاح! لكنها في نفس الوقت تعطيك دافعا للعمل بأكمل وجه! 

لذا أرى من وجهة نظري أن كثرة استخدام عبارة "قضاء وقدر" يورث الكسل ويعبر في أحيان كثيرة عن الجبن والخوف كما أنها بعكس ما يظن البعض منافية لمبادئ الشريعة وبها عمل بإحدى أخطاء بني إسرائيل "أتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض" ؟؟ فالقدر المكتوب قبل أن نولد كالنية الموجودة في القلب! فنؤمن به لكن لا نتحدث به ولا نستخدمه كعذر لتقصيرنا! 

دمتم مؤمنين!

No comments:

Post a Comment