Tuesday 30 October 2012

ساندك!

بعيدا عن السخرية التي تصل لحد خفة العقل من إسم ساندي، ساندي يغتصب الآن حضارة بأكملها! إعصار مهول ومروع جدا عبث بالأرواح وقذف الرعب في نفوس شعب ينتمي لأقوى دولة في العالم وأقوى اقتصاد في العالم، تحدى كل عقول البشر التي يتوجب أن تكون وصلت اليوم لأعلى درجات التحضر والفهم، مشاهد مرعبة تبثها التكنولوجيا الحديثة التي دمرها هي الأخرى في ساعات معدودة، مشاهد لن تعبث بحدود عقلك وحسب بل تعبث أيضا بيقينك في أي شيء لأنك تشهد واحدة من أقوى عمليات الإزالة في التاريخ!
وعلى صعيد آخر فقد تم استحداث هاشتاق في تويتر يتحدث عن هذا الموضوع ويقول: اللهم اجعل ساندي كريح قوم عاد.
حين تفكر في درجة الانحطاط التي وصل إليها هؤلاء، تعجب بحق! كمية الجهل بالدين وبالدنيا، كمية الفقر في المشاعر، حجم الغباء المستفحل الذي يجبرهم على الحفظ دون الفهم، كمية التخلف العقلي التي عبثت بعقلهم فانعقد وعبثت بقلبهم فانقبض وعبثت بإنسانيتهم فالتزمت الصمت أمام الجوارح وهي تصدق العقل المعقد والقلب الميت.. إنها كمية ضخمة جدا!
الواجب علينا أن ندعوا لهم! لا أقول يفضل أو أنه أحسن من الدعاء عليهم، يجب أن ندعوا لهم، في الحقيقة! إني أرى موقف النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم ليس إلا الدعاء والتضرع بالدعاء ودعوة الناس لصلاة الحاجة، لأن هذه أبسط مبادئ الإنسانية التي ينادي بها الكتاب الذي ذكر قصة قوم عاد للترهيب وذكر قصة آسيا امرأة فرعون للترغيب وذكر قصة لوط عليه السلام ليضرب أحد أعظم أمثلة التسامح وأنشأ تربية محمد التي فيها (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون) "مع العلم أن قومي ضربوني وشتموني وأهانوني وسلطوا علي سفائهم وقذفوني بالحجارة وحاربوني بشتى الطرق".
هذه العقليات التي تدعوا عليهم لا لهم ومثيلاتها هي التي تحول بيننا وبين حضارة حقيقية، هذه العقليات هي نفسها التي باعت واشترت بالدين. عقليات تعشق الفتنة، تموت في سفك الدماء، تدمن الموت، تتغذى على عذاب الآخرين، وللعلم فإن منها نفس العقليات التي ترتاد بيوت الدعارة في شتى بقاع الأرض مساءً وتندد بمجازر فلسطين صباحا.
ساندي اختبار للبشرية، يميز الفاهمين المحترمين المثقفين بحق من الحافظين ولا يتجاوز حفظهم حناجرهم.
وأذكركم أن الأمريكي "ساندك" يا مصري في الثورة كما ساندك وأنت تقول أن الإسلام ليس إرهابي فسانده اليوم!


Monday 29 October 2012

حين نتفق!

وأنا في الصف الأول الاعدادي ومراعاة لمشاعر من كنت في أرضهم سأقول "الأول المتوسط" أتانا معلم لغة إنجليزية لم يعجب معظمنا نظرا لأننا شعرنا بأنه "منفوخ علينا" كونه كان يمارس طقسا غريبا إذا قرر معاقبة تلميذٍ ما، فكان يستعير منديلا من أحد الطلاب ويقوم بشد أذن هذا الطالب الذي دعت أمه عليه! نوع من أنوع التعذيب النفسي وإشعار الطالب بأنه كريه لدرجة أن الأستاذ "النظيف" يمسك أذنه بمنديل بغض النظر عن حقيقة أن الأستاذ رغم نظافته هذه لم يصادف ووجدناه لا يشحت منديلا من الطلاب كنوع من أنواع المصداقية!
ليس هذا المهم! المهم أننا قررنا كطلاب فصل واحد بأن لا نقوم بإعطاءه منديل لو طلب، ولاقى الاقتراح استحسانا كبيرا، وفعلا فور دخول أستاذنا الموقر وبدء طقس العقاب لأحدهم سأل: مين معاه منديل؟! وكان أن لم يجب أحد، فتفضل هو بعبارته التي تنم عن عبقريته البحتة: كلكم وصخين ماحد معاه منديل؟! طيب مافي مشكلة! وبدأ يمارس أبشع طقس تعذيب شهدته عيوني اللي هياكلها الدود، أمسك بأطراف أكمام الولد وبدأ يجبره على تلطيش نفسه يمينا ويسارا بشكل مهين جدا، حتى توقف الولد وأخرج منديلا من جيبه وأعطاه للأستاذ ولكن! أكمل الأستاذ رحلة تلطيشه المهينة دون اكتراث بالمنديل!
بعد هذه الواقعة لم أتوقف عن طرح سؤالٍ مهم: لماذا حين اتفقنا اتفقنا على الرضوخ لوضع الإهانة هذا؟ بمعنى: ليه اتفقنا إننا منجيبش منديل رغم إننا ممكن نتفق منعملش حاجة تديه حق يتعرض لحد فينا؟!
حين أخذنا قرار عدم إعطائه منديلا إن سأل، كنا تجاوزنا التفكير في ما قبل طلب المنديل، الأفعال التي تؤدي بأحدنا للتعرض لشد الأذن مع مراعاة أني كبرت الآن ولا أراه محقا في كثير من حالات شد الأذن تلك! لماذا حين تتفق فئات كثيرة من الناس يكون الرضوخ للواقع جزءً من اتفاقها؟ فيبدو لنا غالبا أن هذا العامل المشترك إن لم يتواجد في محاولة اتفاق لما تعدت كونها محاولة!
ابحث في قراراتك الجماعية الأخيرة ستجدني محقا، وأرجوك ابحث معي عن إجابة خلال بحثك الأول! 
رغم كثرة الحوارات العربية، قليلٌ منها نخرج منه بنتيجة حقيقية يمكننا أن نعتبرها فعالة بالقدر الكافي لحل معظم أزماتنا! هل يمكنك أن تصدق أن حل دولة كالمملكة العربية السعودية لأزمة البطالة كان اعتماد نظام معقد جدا جدا جدا سُمِّيَ "حافز"؟ هل تصدق أن الدولة المصرية البائدة حين أرادت القضاء على الثورة أغلقت وسائل الاتصال؟ هل تصدق أننا صرحنا كعرب أن (يجب أن نبدأ بإجراءات السلام مع إسرائيل)؟ هل تصدق أن الأمة العربية حين قررت مساعدة الثورة السورية الشقيقة قامت بإنشاء الملاجئ وإرسال معونات طعام؟ هل تصدق أننا ما زلنا كعرب نعيش على هذا الكوكب ونسمي أنفسنا (أمة) واقتصادنا هو أكثر اقتصادات العالم انخفاضا بينما دول لا تملك نصف مواردنا تملك أقوى عملة في العالم؟ 
الأسئلة كثيرة والقائمة طويلة والسبب مجهول! كيف تخطينا المهم والأهم لننتقل لما ليس له فائدة خالص مالص؟! كيف قررنا أن الطالب العربي يحتاج لدراسة التركيب الصخري لحجر الرخام ولا يحتاج لدراسة الحرب العالمية الأولى والثانية؟ 
يبدو لي أنها مجموعة فراغات في أدمغة من يفكرون بهذا المنطق تمنعهم من رؤية كافة الحقائق المختبئة خلف قراراتهم العبقرية!
لاحقا في العام الدراسي تفضل أستاذنا بأغبى طلب سمعته في حياتي: إذا كتبت الـ"q" بهذا الشكل أبغاك تحط خط تحتها عشان تميزها عن الـ"p". واكتفينا بهز رؤوسنا أنْ "حاضِر" ولم يعلق أحدنا على هذا الموضوع طوال العام.

تصبحوا على خير!

Thursday 25 October 2012

من سرق العيد؟

زمااااان قبل أن يكون هناك بلايستيشن وَن! كان هناك أنا، لا أزال أذكر صلاة العيد التي رحت أركض في الجامع أوزع الحلويات على المصلين فيها وهم جالسون يسمعون الخطيب، لم يكن الناس قد انشغلوا بعد بالدنيا للدرجة التي تدفعهم للهروب فور انتهاء الصلاة وكأن الخطبة هذه هتوديهم النار! أيامها لم يكن خطباء العيد قد تحولوا لحاملي كشوف أهل جهنم بعد. 
لن أطيل الحديث عن كيف كان العيد جذابا ومليئا بالألوان، لن أتحدث عن عدم اكتراثي بشرابي المقطوع الذي كان تعرض للحرق قبل بدء ماراثون توزيع الحلويات بيننا نحن أبناء المسجد، لن أتحدث عن عشقي للتكبير في المايك وتنافسي مع أصدقائي هناك من يتفوق بحسن الصوت والنَّفَسِ الطويل، لن أتحدث عن عشقنا للصلاة على النبي وآله وأزواجه وذريته في التكبير، لن أتحدث عن أول مرة تكوَّن فيها يقيني الكامل بالله وأنا أقول: (لا إله إلا الله وحده! صدق وعده! ونصر عبده! وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده!)، لن أتحدث حتى عن أحلى علقة سخنة أكلتها من والدي عند عودتي متأخرا لأنني انشغلت كثيرا في اللعب مع أبناء الحارة في أول أيام العيد. 
سأتحدث عن أول مرة سحبوا مني المايك وأنا أقول الكلمات التي تكوَّن فيها يقيني بالله أول مرة بحجة أن الصفة هذه "بدعة"، عن الذين نظروا لي شزرا ورفضوا تسليمي المايك لأني ألبس قميصا وبنطلون بدلا من جلابية كسائر "أهل الله"، عن أولئك الذين سرقوا البسمة من شفاه الصغار وهم يتحدثون في خطبة العيد عن الوعيد الشديد لمن سمع الأغاني والأناشيد، عن الفئة الجاهلة التي تتلحف أسنانها عن الناس يوم العيد، عن أشخاصٍ ربوا لِحاهم لا ليدخلوا الجنة وحسب بل ليزفونا إلى النار أيضا! 
لماذا لا تتركون فرصة لحمادة وحمودي وعبده من هذا الجيل ليعيشوا العيد الذي عشته أنا وإخوتي، لماذا لا تكتفون بالعبث ببراءتنا وقد صرنا أحمد ومحمود و عبد المجيد وتتركون البراءة الجديدة تتشكل عاشقة للعيد ولله؟ لماذا تكبرون في مكبرات الصوت بأصوات قبيحة لا علاقة لها بصوت أول مؤذن في الإسلام؟ لماذا لا تجعلون أصوات من يحمدون الله ويكبرونه ويصلون على نبيه أصواتا ندية جميلة جذابة قبل أن تنهوا الناس عن اللجوء للأغاني وللمغنيين ذوي الأصوات الندية؟ ومن أعطاكم السلطة لتصرحوا بأن صفة التكبير التي يرددها الناس مذ عرفتُ الدنيا هي بدعة؟  
لصوص العيد أنتم! طالت لِحَاكُم عن طول قبضة يدكم  فانفلتت الأيادي تنهر وتخوِّف عباد الله وتفرغت اللحى لتغطية الابتسامات وإجبار أفواهكم على العبوس! حَمَا الله أطفالنا منكم وأعاد لنا العيد عيدا ووفقنا لأن نقتلكم قبل أن تقتلوا الفرح فينا!
سأنزل لصلاة العيد غدا ومبكرا جدا بإذن الله، سأمشي أضحك حتى تظهر ضروسي، سأبتسم في وجه الكل وسأزف التهاني لكل من سألقى من بشر، مسلمون ومسيحيون، رجال وصبيان، نساء وفتيات، سأكبر بصوت عالٍ صفة التكبير التي عرفت الله بها وأحببت النبي وآل بيته عن طريقها، سأكون أسعد أهل الأرض رغم كل شيء، لا لشيء إلا في سبيل عيدٍ سعيدٍ بحق! وسأعيد العيد... لكم يا من تحبون الله وتحبون الناس وتحبون الفرح!

Tuesday 23 October 2012

خرية سغيرة!

طبعا يا عبد المجيد! العالم أصبح كما تقولون "خرية سغيرة".
كانت هذه الكلمات التي رد بها صديقي يوسف الألماني ذو الأصل الفلسطيني بعد أن حدثته كيف أن أمي علمت بنتيجة قبولي في الجامعة قبلي وهي في منطقة زمنية مختلفة. تمنيت لو أنني حضرت أولى محاضرات الاجتماع قبل كلمة يوسف هذه حتى لا أكتفي بالضحك على نطقه لحرف القاف وأبدأ بإعلامه عن مدى سطحية المصطلح "قرية صغيرة"، بعد اكتشافي المذهل وهو أن العولمة ليست "جعل العالم قرية صغيرة" كما اعتاد عمرو أديب أن يقول وأن العولمة هذه هي هيمنة اقتصادية وسياسية قبل أي شيء، سألت نفسي سؤالا مهما جدا وهو: مالذي يدفع الإنسان لطلب الهيمنة؟ بمعنى آخر: ليه الناس كلها عايزة تتحكم في أكبر قدر ممكن من الناس؟
لم أتمكن من إيجاد الإجابة إلا في نفسي!
أنا وأنت عزيزي القارئ! كم مرة رأيت أن رأيك هو الأصلح وأن الكون لن يصلح إن لم يستمع الناس لرأيك ومشورتك؟ كم مرة وافقت على الرضوخ للرأي الآخر على مضض لأنك لم تقتنع بعد بأن هناك شخصا أفضل منك؟ كم مرة مارست ديكتاتوريتك على من هم أصغر منك سنا أو مكانا لأنك ترى بمقولة الأجداد القديمة "إحنا عارفين مصلحتك أحسن منك"؟ وكم مرة غضبت والمنطق نفسه يُستخدم ضدك؟
بمثل هذه الأشياء الصغيرة التي قد لا نلتفت لها نتحول من متحاورين إلى متحاربين وتقودنا الحرب إلى إلى منفصلين ومن منفصلين بدعوى "الزعل" تتكون لدينا هذه الآفة التي عاثت في كوكبنا فسادا .. الحروب! الحروب التي لم تتوقف يوما ولكنها تحولت من المفهوم العام للغزو الذي يحتوي على دبابات وأسلحة ثقيلة تذهب بالدماء، إلى آلات صغيرة تدخل لكل بيت لتبث المفيد بكل تأكيد لكنها تبث أيضا ما يذهب بالعقل، ما يجعلك تنظر لحضارة من الأفلام الهوليودية فتقول أنت: نفسي أعيش في أمريكا! وأنت لا تعلم عن أمريكا غير السفاسف التي شاهدت في أفلام أمريكا ويخفى عليك ارتفاع معدل الجريمة بشكل بشع فيها وارتفاع معدلات الاغتصاب "يعني عندهم ناس بتتحرش برضه أهه" وارتفاع معدل الفقر وارتفاع معدل الغير راضيين عن أداء وطنهم تجاههم، فتصدق عمرو أديب إذا قال: يا جماعة الكلام ده مش بيحصل في حتة في العالم غير عندنا! وبالتالي ستؤيد إعلاميين الدَّرَبُكَّةِ وهم يقولون: ما كل بلاد العالم فيها ناس بتلبس كدة وأصْخَم من كدة ومبنشوفش الحاجات دي غير عندنا! وسنستمر في تصديقهم وهم يتحدثون عن البرلمان: إشمعنا إحنا من بين دول العالم مش عارفين نكون برلمان مزبوط!؟ رغم أن برلماننا عشرة على عشرة! 
هذا الغزو الفكري إضافة إلى الجهل المتفشي في مجتمعنا أدى لأن نصل لأن يكون لدينا مرشحوا رآسة بزيت وسكر وآخرين بالبطانيات والمخدات وغيرهم بـ200 جنيه! وأنا هنا لا أساند نظرية المؤامرة إطلاقا فأنا من أعداءها أصلا لأنها تؤصل كره الآخر واعتباره طرف دخيل يريد العبث بالمجتمع وهذا سلوك غير إنساني وغير إسلامي! ولأن حكوماتنا العربية تتسم بالشفافية والوضوح والمصداقية التي تعلمون فقد ملأت رؤوسنا بهذه النظرية منذ الطفولة وحتى الفحولة والواقع المرير الذي ستدركه بنظرة حولك أن المتآمرين علينا هم الآمرون علينا.
الوعي والتوعية وحدهما إن انتشرا في العالم بالشكل الصحيح سيتحول مفهوم العولمة ليصبح "قرية صغيرة" بحق وإلا فإن صديقي يوسف لم يخطئ حين قال ما قال!

مساء الفل!

Thursday 11 October 2012

أنهي جمل؟! مفيش جمل؟!

بنفس منطق "عيني حمرا -لأ! طاب بتوجعني؟!" صرح القضاء المصري الشامخ للمرة الخامسة تقريبا منذ الثورة أنه "شامخ عاى روحه" أولا ويستخدم التقنيات القديمة في إيجاد الأدلة، تقنيات من عينة لازم أكون شفت بعيني! الحمرا! اللي مبشوفش بيها أصلا!
ما يقلقني حقا ليس مستوئ دناءة هذا القضاء الشامخ بل انحطاط مستوى التفكير التي وصل له بعض من شهدوا التحرير والكوبري ومحمد محمود وماسبيرو، كيف واتتكم جرأة كافية لتصرحوا علنا هكذا أن الرئيس له أي دخل بهذه الأحكام المنحلة؟!
أنتم أكثر من تعرضوا للتخوين وأكثر من طُحِنوا بمطحنة الإعلام الموجه، بأي حق وبأي ثورية أعطيتم أنفسكم حق إتهام الرئيس بهذه العشوائية؟!
لا ننكر أنها أحكام هزلية تظهر بما لا يدع مجالا للشك فساد قضائنا ومدى تورطه في فساد الأمة لكن لا علاقة للإخوان والرئاسة بها!
لست من المولعين بالإخوان وربما يعي كثيرون ذلك عن طريق متابعة آرائي المتذبذبة فيهم، لكنني من المؤمنين بأن صلاح الدولة مبني على صلاح الشعب ولن تتقدم دولة مادام جزء من شعبها يكن العداء لجزء آخر لغرض "كنِّ العداء" لا أكثر! لن يصيبنا شيء إن خرج حكم هزلي يبرئ قتلة الثوار ومصدري الأوامر فبأيدينا نأخذ حقنا إن "نخ" قضاؤنا، لكن مصابنا عظيم إن لم نملك هذه الوحدة التي بها فقط نتمكن من استرداد حقنا في ظل انعدام العدل والحكمة!

Sunday 7 October 2012

وافد

يبدو أنني من تلك القلة التي كُتب عليها أن تقودها مبادئها نحو ما يسميه العصر "مشاكل" التي ولد أغلب أهل العصر وهم "ملهومش فيها" وولدنا نحن باحثين عنها لا نرتاح إلا ولدينا مشكلتين تلاتة تؤرق نومنا كل يوم!
ولدت كما قد تعلمون في السعودية وفُرض علي أن أُسجل في سجلات الحضانة "أجنبيا" وهو شيء لم أكن سعيدا به كوني من أحفاد النبي، من آل البيت بمعنى أن حقي في أرض مكة والمدينة أكثر من حق عبد الله بن عبدالعزيز آل سعود ذات نفسه لكني تحملت هذه الإهانة إلى أن قالوا لي وأنا في مرحلة الانتقال من الإعدادية للثانوية: رمينا ملفك إنتا وأمثالك من الأجانب في مكتب الشمال وما نقلناها للقسم الثانوي في المجمع بشكل أوتوماتيكي مثل ما سوينا مع أولاد البلد السعوديين، لذلك روح خذ الملف ودور على مدرسة أيها الوغد الحقير!

حجم القهر في داخلي كان لا يوصف وبدأ احتمالي لإهانة أجنبي هذه يقل، من ستر ربنا أنني كنت في تلك الأيام مصابا بانفلونزا وكان العام ذاك عام ما سمي بـ"انفلونزا الخنازير" فكنت هادئا بَدَنِيًّا نوعا ومضت ثلاث أسابيع وأنا مشرد بلا مدرسة ومكتب الشمال يقول "ملفك ما جانا يا ولدي" وحين أوشكت على الانفجار اتصل مدير القسم المتوسط الأستاذ علي الحزنوي بوالدي وأخبره أنني تم نقل ملفي "بشكل خاص" للقسم الثانوي وكان ذلك مجهودا شخصيا من الأستاذ كونه قد صرح لي أكثر من مرة أنه معجب بإلقائي وروعته ولا يريدني أن أخرج من المجمع! وكأي إنسان معاصر لا يفكر إلا في نفسه قلت في سري (اللهم اخزيك ياشيطان) وبدأت عامي الدراسي بشكل عادي بعد أن شكرت للأستاذ عليٍّ أدبه وأخلاقه وكدزا!
وأنا عائد من مصر في يوم الخميس مساء في صيف عامي الدراسي الثاني في المرحلة الثانوية وقف ظابط الجوازات يراجع جواز سفر أمي الذي كنت ما أزال مضافا عليه حينها وقال: عبد المجيد بقاله تلات تيام مكمل ١٦ سنة! يعني لازم يكون باسبوره لوحده! واقتضى الأمر أن أجلس ثلاثة أشهر في مصر ومدرستي بدأت في جدة لأخرج بطاقة وشهادة ميلاد وباسبور وتأشيرة وما إلى ذلك الأمر الذي أثار حفيظتي من ناحية وطني الرسمي والذي كان لم يشهد بعد الثورة التي أزعم أني بذلك الشهر الذي قعَّدوني فيه أطلقت إحدى شراراتها!
ورحت المدرسة بعد كدة وعادي يعني!

حقي في التعلم كمواطن مصري بدون أي تمييز تكفله لي الدولة، الدولة التي نظرت لشهادتي القادمة من السعودية أنها "كُخة" فيجب أن يتأخر تقديمي في الجامعة حتى يكمل "ولاد البلد" تنسيقهم و"يِتْسَتِّفُوا" في كلياتهم وياخدوا واجبهم كمان! فها أنا ذا وقد مضى على الجامعيين ما مضى وهم في الجامعة أقف كالعواطلية بلا شغلة ولا مشغلة، لا جامعة تلم ولا كلية تضم!
قدمت في التنسيق الالكتروني وقدمت ملفي في مكتب التنسيق بالجامعة حين طالبوني وانتظرت نتيجتي كالمنتظرين وجاءت الشبكة تقول: لقد تم قبولك في كلية آداب اسكندرية، ولأن هناك من أضربوا عن العمل في جامعة الاسكندرية فلم يصل ملفي وها نحن في الأسبوع الثالث منذ صدور بطاقة الترشيح و "الملفات لسة ما وصلتش والله" كما يقول وكيل شؤون الطلبة! ولأني كما قد تلاحظون "غاوي إعلام" تقدمت في إختبار قسم الإعلام بالكلية التي زعم الموقع الالكتروني أني قُبلت فيها بعد أن أكد لي العاملون فيها أنني "أدفع بس الميت جنيه وخد الوصل وامتحن وهتخش لو نجحت" لكنهم قرروا بعد خوضي للامتحان ذاك أنني لاحق لي بمعرفة نتيجتي لأني "وافد" لم يصلهم ملفي بعد ولم يتأكدوا من مجموعي ولم يعرفوا بعد درجتي في العربي والانجليزي وحتى ذلك الحين علي أن "أنطزر" كما نصحني أحد الدكاترة جزاه الله خيرا!

في السعودية كانوا يتعاملون معي باحترام والله ورغم ما ذكرت في البداية إلا أنني أكن لهم كل احترام كون كثيرين منهم احترموني لشخصي دون أن تشكل جنسيتي فرقا معهم! وحين جئت هنا لم أشعر إلا أن "وافد" هذه سبة وأنهم لسبب ما يرونني كوافد لست من مستوى المتقدمين في الجامعات ولست من المؤهلين ليكونوا في قسم كقسم الإعلام "اللي بيدخلوه الدحيحة"!

أنا عبد المجيد، عضو في الإذاعة المدرسية من الصف الثاني الابتدائي، أكتب ما أقوله فيها من يوم دخلتها، حاصل على المركز الأول على جدة في الإلقاء، من ضمن ثلاث وفود طلابية خرجت من جدة في ملتقيات حوارية مختلفة، مقدم أول ملتقى حواري في جدة، اشتركت في مسابقة "الكلمة الحلوة" في قناة الرسالة وأنا في الصف الثاني المتوسط وحصلت على المركز السادس "ومأخدتش جايزتي"، بكتب شعر وخواطر وحاجات جميلة، خمسة من مقالاتي سُرقت وتنشرها المنتديات بأسماء مختلفة في مواسمها، أقرأ كل ما يقع تحت يدي، أجيد اللغة الانجليزية. هذه الأشياء كلها لا تنفع لأتقدم في وظيفة في قناة تلفزيونية ربما.. لكن من المؤكد أنها تصلح لأدخل جامعة!
لمن لم يقرأ بعدُ ما بين السطور: أنا وكل الوافدين من أبناء مصر لا نستحق قلة القيمة هذه! أبدا!

شكرا :)

Wednesday 3 October 2012

قليلا من البساطة

الطريقة التي تتحدث بها النُّخَب في أوطاننا العربية هي طريقة مثيرة للاهتمام فعلا، لا يمكنك أن تقول أنك لم تسمع من قبل ناشطا حقوقيا أو سياسيا يتحدث عن فقراء الوطن العربي و"العوائل اللي مش لاقية تاكل" ويستخدم ألفاظ من عينة "الدولة البرجوازية المتزمتة، النظام المنعزل المتعفن المتحجر" وهي طريقة قد يستغربها كثيرون كوننا جميعا نتوقع أسلوب أبسط حين نكون نتحدث عن الفقراء والأميين والمعدمين كونهم وكما قلنا "مش لاقيين ياكلوا" فضلا عن أن يكونوا "لاقيين" ما يشترون به كتبا في السياسة والاقتصاد والأمن الوطني ليفهموا مصطلحات الجامعة تلك!
لكن ما لا يدركه كثيرون هو أن هؤلاء الحقوقيين لا يتحدثون إلى الفقراء بل يتحدثون عن الفقراء وهو ما يجعل الأمر مختلفا تماما ويجعلنا نحتاج لأن ننظر لهم بعين المثقفين والمحترمين "اللي مش واخدين ع الغلب" لا بعين من عاشروا الفقر ويعرفون أنه بعيد كل البعد عن أن يكون "أزمة بين الطبقات البرجوازية".
حين تحدث (خنفشار) عن (الخنفشار) بعد أن سأله بعض الشباب العالمين عنه أجاب: الخنفشار شجرة تنمو في أعالي جبال شرق آسيا تنبت فاكهة حلوة المذاق فيها شفاء من الإمساك وكافة آلام البطن كما أن قشرتها بها ما يطهر الحروق ويشفيها بإذن الله فمن لحقها منكم فليأخذ منها الكثير!
كان الشباب السائلين قد اخترعوا لفظة "خنفشار" هذه لأنهم وجدوا خنفشار يتحدث في كل شيء ويسهب في الحديث وكأنه عالم الزمان (لم يكن اسمه خنفشار قبل ذلك) وبإفتاء خنفشار هذا التصق به اسم خنفشار ولم يعد أحد يناديه بغيره!
المهم في موضوعنا هو أن أي شخص أيا كانت كمية ثقافته لا يمكنه أن يتحدث عن أي شيء مالم يكن جربه بنفسه أو على الأقل احتك به، لأنه ومهما بلغت درجة علمه بهذا الشيء لن يتمكن من الحديث عنه كأهله!
لذا أوجه كلامي لطبقات المجتمع البرجوازي التي تتحدث عن الطبقات الكادحة، لا تتحدثوا عنهم! انزلوا إليهم من برجوازيتكم هذه وعلموهم كيف يتحدثون عن أنفسهم، لقد ثبت بما لا يدع مجالا للشك أن هاشتاق #ضدالتحرش ليس مجديا بأي حال لأن المتحرش لا يعرف تويتر أصلا وآن الأوان لينصدم الشيخ حازم أبو اسماعيل ومحمد حسان بواقع أن هناك من الفقراء الذين لا يعرفون كيف يبدوا هذا التلفزيون اللعين الذين يطل المشايخ منه ليقولوا للفقراء اصبروا وللأغنياء أعطوا.
قليلا من البساطة في محاولات إصلاح المجتمع ستقودنا لنتوقف عن التكلم في الفضائيات عن مشاكل المجتمع ونبدأ نقود حملات تطوعية حقيقية نجمع فيها كل أطياف الشعب التي ترغب بمد يد العون ونقوم بإصلاح هذه المشاكل ونخرج بعد سنتين أو ثلاثة في القنوات لنتحدث عن كيف كان الحال في تلك الأماكن بشعا وكيف استطاعت الأيدي الوطنية تحويله للتجمع الخامس وعابدين والزمالك ومحرم بيك!

شكرا!

Tuesday 2 October 2012

كيف نختلف!؟

كيف نختلف؟
أعني هل من حقي كمختلف معك أن أختلق قصصا مكذوبة عنك وعن اللي يتشدد لك فقط لأقوم بالاستناد على هذه الأكاذيب لاحقا وأنا أبرر لك فعلة مكذوبة أخرى؟! لم يمضِ وقت طويل منذ أحداث انتخابات الرئاسة في مصر، في تلك الفترة تداولت الصفحات على الانترنت وبعض الصحف حتى- تداولت خبرا قديما يقول فيه السيد الرئيس محمد مرسي أن الإخوان لم يقوموا بالنزول أمام بعض رموز الحزب الوطني في الانتخابات لأنها رموز وطنية! بصرف النظر عن التجاهل الشنيع من قبل الجانب الإخواني لهذه القضية والتي سُمِّيَت فضيحة لاحقا إلا أن السيد الرئيس سُئِل في أحد لقاءاته قبل بدء الجولة الأولى عن هذا التصريح وقال أنه مجرد تلاعب من قبل الجريدة وقمنا برفع قضية عليهم لهذا السبب! ماذا كان من الصفحات التي نشرت هذا التصريح؟ وكأن شيئا لم يكن! استمرت في نشره ومازالت تنشره ليومنا هذا!
حين قالت الأهرام يوم جمعة الغضب "مظاهرات حاشدة في سوريا" ولم تتحدث بأي شكل من الأشكال عن مظاهرات مصر "ثورة" مصر خرج الجميع يقولون "إعلام كاذب" لكننا كسلفيين سنصدق نفس هذا الإعلام الكاذب حين يقول أن البرادعي يقول أن ابنته متزوجة من رجل نصراني انجليزي! حتى وإن قال البرادعي أن هذا ليس صحيحا، وسنصدق نفس الإعلام كليبراليين حين يقول أن النائب علي ونيس تورط في فضيحة أخلاقية حتى وإن فوجئنا بعد بضعة أسابيع بهذا الإعلام يتكتم على أمر الإفراج عن النائب علي ونيس والتأكد من أن التي كانت معه في السيارة هي ابنة أخته بالفعل! وبنفس المنطق سنستمر كسلفيين وكإسلاميين بنشر الأخبار الحسنة عن مرسي ونتجاهل كل الإشاعات السيئة ونتجاهل كل التأخيرات في تنفيذ وعوده وسنقول في نهاية كل خبر "طبعا إعلام الفلول عمره ما هيقول الكلام ده" وكليبراليين سنقوم بالحديث عن "حكَّة" مرسي المفاجئة وزكامه وكأنها أزمة عالمية كبرى وسنتهمه بالعمالة لأمريكا والتطبيع مع إسرائيل ولن ننشر أبدا كلماته القوية في حق النظام السوري الغاشم وكلماته الأكثر قوة وهو يتحدث عن دور مصر الريادي، سنقول كإسلاميين إن اللقاء مع أردوغان كان مشرفا وكليبراليين سنقول "إزاي الرئيس بتاعنا قصير بالشكل ده" سنقول كإسلاميين إن الزبالة خلاص فضيت من الشوارع والحياة بقا لونها بمبي ومرسي جنبك وجنبي وكليبراليين سنقول إن مرسي مش بينزل في الشوارع ومش شايف الفقير اللي في شارع ملك حفني العصافرة اللي بيشحت! لن نجد حرجا كإسلاميين من قول "وهوا النبي كان عرف يعمل إيه في أول 100 يوم من الدعوة؟" في إشارة لأن الرئيس مرسي أنجز أكتر من سيدنا النبي، ولن نجد حرجا كليبراليين من التعويل على مرسي في حل مشكلة الناس اللي بتطرطر في النيل من غير تصريح!
انقسم الإعلام التلفزيوني والالكتروني من وسيلة لمعرفة الخبر إلى وسيلة لمعرفة زاوية أصحاب المحطة وكيف يرون الطرف الآخر، أصبحنا لا نستغرب السباب على الهواء مباشرة! أحد أقذر برامج الدولة المصرية الحديثة وأكثرها إساءة للإسلام "أعني برنامج خالد عبد الله على قناة الناس" القائمون عليه لم يجدوا حرجا من تسميته "أجرأ برنامج في مصر" وهو ولا مواخزة ليس إلا "أوسخ برنامج في مصر" فليس أسوأ من أن تجعل منبر الحوار منبرا للسب إلا أن تجعل منبر الحوار منبرا للسب باسم الدين، لعلي أتحدث عن قذارة هذا البرنامج في مقال آخر لكن لحد ذلك الحين أتساءل: هل هذا الاختلاف "الانقسام" صحي لهذه الدولة الثورية؟
هل هذا طبيعي؟