Thursday 25 October 2012

من سرق العيد؟

زمااااان قبل أن يكون هناك بلايستيشن وَن! كان هناك أنا، لا أزال أذكر صلاة العيد التي رحت أركض في الجامع أوزع الحلويات على المصلين فيها وهم جالسون يسمعون الخطيب، لم يكن الناس قد انشغلوا بعد بالدنيا للدرجة التي تدفعهم للهروب فور انتهاء الصلاة وكأن الخطبة هذه هتوديهم النار! أيامها لم يكن خطباء العيد قد تحولوا لحاملي كشوف أهل جهنم بعد. 
لن أطيل الحديث عن كيف كان العيد جذابا ومليئا بالألوان، لن أتحدث عن عدم اكتراثي بشرابي المقطوع الذي كان تعرض للحرق قبل بدء ماراثون توزيع الحلويات بيننا نحن أبناء المسجد، لن أتحدث عن عشقي للتكبير في المايك وتنافسي مع أصدقائي هناك من يتفوق بحسن الصوت والنَّفَسِ الطويل، لن أتحدث عن عشقنا للصلاة على النبي وآله وأزواجه وذريته في التكبير، لن أتحدث عن أول مرة تكوَّن فيها يقيني الكامل بالله وأنا أقول: (لا إله إلا الله وحده! صدق وعده! ونصر عبده! وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده!)، لن أتحدث حتى عن أحلى علقة سخنة أكلتها من والدي عند عودتي متأخرا لأنني انشغلت كثيرا في اللعب مع أبناء الحارة في أول أيام العيد. 
سأتحدث عن أول مرة سحبوا مني المايك وأنا أقول الكلمات التي تكوَّن فيها يقيني بالله أول مرة بحجة أن الصفة هذه "بدعة"، عن الذين نظروا لي شزرا ورفضوا تسليمي المايك لأني ألبس قميصا وبنطلون بدلا من جلابية كسائر "أهل الله"، عن أولئك الذين سرقوا البسمة من شفاه الصغار وهم يتحدثون في خطبة العيد عن الوعيد الشديد لمن سمع الأغاني والأناشيد، عن الفئة الجاهلة التي تتلحف أسنانها عن الناس يوم العيد، عن أشخاصٍ ربوا لِحاهم لا ليدخلوا الجنة وحسب بل ليزفونا إلى النار أيضا! 
لماذا لا تتركون فرصة لحمادة وحمودي وعبده من هذا الجيل ليعيشوا العيد الذي عشته أنا وإخوتي، لماذا لا تكتفون بالعبث ببراءتنا وقد صرنا أحمد ومحمود و عبد المجيد وتتركون البراءة الجديدة تتشكل عاشقة للعيد ولله؟ لماذا تكبرون في مكبرات الصوت بأصوات قبيحة لا علاقة لها بصوت أول مؤذن في الإسلام؟ لماذا لا تجعلون أصوات من يحمدون الله ويكبرونه ويصلون على نبيه أصواتا ندية جميلة جذابة قبل أن تنهوا الناس عن اللجوء للأغاني وللمغنيين ذوي الأصوات الندية؟ ومن أعطاكم السلطة لتصرحوا بأن صفة التكبير التي يرددها الناس مذ عرفتُ الدنيا هي بدعة؟  
لصوص العيد أنتم! طالت لِحَاكُم عن طول قبضة يدكم  فانفلتت الأيادي تنهر وتخوِّف عباد الله وتفرغت اللحى لتغطية الابتسامات وإجبار أفواهكم على العبوس! حَمَا الله أطفالنا منكم وأعاد لنا العيد عيدا ووفقنا لأن نقتلكم قبل أن تقتلوا الفرح فينا!
سأنزل لصلاة العيد غدا ومبكرا جدا بإذن الله، سأمشي أضحك حتى تظهر ضروسي، سأبتسم في وجه الكل وسأزف التهاني لكل من سألقى من بشر، مسلمون ومسيحيون، رجال وصبيان، نساء وفتيات، سأكبر بصوت عالٍ صفة التكبير التي عرفت الله بها وأحببت النبي وآل بيته عن طريقها، سأكون أسعد أهل الأرض رغم كل شيء، لا لشيء إلا في سبيل عيدٍ سعيدٍ بحق! وسأعيد العيد... لكم يا من تحبون الله وتحبون الناس وتحبون الفرح!

No comments:

Post a Comment