Wednesday 3 October 2012

قليلا من البساطة

الطريقة التي تتحدث بها النُّخَب في أوطاننا العربية هي طريقة مثيرة للاهتمام فعلا، لا يمكنك أن تقول أنك لم تسمع من قبل ناشطا حقوقيا أو سياسيا يتحدث عن فقراء الوطن العربي و"العوائل اللي مش لاقية تاكل" ويستخدم ألفاظ من عينة "الدولة البرجوازية المتزمتة، النظام المنعزل المتعفن المتحجر" وهي طريقة قد يستغربها كثيرون كوننا جميعا نتوقع أسلوب أبسط حين نكون نتحدث عن الفقراء والأميين والمعدمين كونهم وكما قلنا "مش لاقيين ياكلوا" فضلا عن أن يكونوا "لاقيين" ما يشترون به كتبا في السياسة والاقتصاد والأمن الوطني ليفهموا مصطلحات الجامعة تلك!
لكن ما لا يدركه كثيرون هو أن هؤلاء الحقوقيين لا يتحدثون إلى الفقراء بل يتحدثون عن الفقراء وهو ما يجعل الأمر مختلفا تماما ويجعلنا نحتاج لأن ننظر لهم بعين المثقفين والمحترمين "اللي مش واخدين ع الغلب" لا بعين من عاشروا الفقر ويعرفون أنه بعيد كل البعد عن أن يكون "أزمة بين الطبقات البرجوازية".
حين تحدث (خنفشار) عن (الخنفشار) بعد أن سأله بعض الشباب العالمين عنه أجاب: الخنفشار شجرة تنمو في أعالي جبال شرق آسيا تنبت فاكهة حلوة المذاق فيها شفاء من الإمساك وكافة آلام البطن كما أن قشرتها بها ما يطهر الحروق ويشفيها بإذن الله فمن لحقها منكم فليأخذ منها الكثير!
كان الشباب السائلين قد اخترعوا لفظة "خنفشار" هذه لأنهم وجدوا خنفشار يتحدث في كل شيء ويسهب في الحديث وكأنه عالم الزمان (لم يكن اسمه خنفشار قبل ذلك) وبإفتاء خنفشار هذا التصق به اسم خنفشار ولم يعد أحد يناديه بغيره!
المهم في موضوعنا هو أن أي شخص أيا كانت كمية ثقافته لا يمكنه أن يتحدث عن أي شيء مالم يكن جربه بنفسه أو على الأقل احتك به، لأنه ومهما بلغت درجة علمه بهذا الشيء لن يتمكن من الحديث عنه كأهله!
لذا أوجه كلامي لطبقات المجتمع البرجوازي التي تتحدث عن الطبقات الكادحة، لا تتحدثوا عنهم! انزلوا إليهم من برجوازيتكم هذه وعلموهم كيف يتحدثون عن أنفسهم، لقد ثبت بما لا يدع مجالا للشك أن هاشتاق #ضدالتحرش ليس مجديا بأي حال لأن المتحرش لا يعرف تويتر أصلا وآن الأوان لينصدم الشيخ حازم أبو اسماعيل ومحمد حسان بواقع أن هناك من الفقراء الذين لا يعرفون كيف يبدوا هذا التلفزيون اللعين الذين يطل المشايخ منه ليقولوا للفقراء اصبروا وللأغنياء أعطوا.
قليلا من البساطة في محاولات إصلاح المجتمع ستقودنا لنتوقف عن التكلم في الفضائيات عن مشاكل المجتمع ونبدأ نقود حملات تطوعية حقيقية نجمع فيها كل أطياف الشعب التي ترغب بمد يد العون ونقوم بإصلاح هذه المشاكل ونخرج بعد سنتين أو ثلاثة في القنوات لنتحدث عن كيف كان الحال في تلك الأماكن بشعا وكيف استطاعت الأيدي الوطنية تحويله للتجمع الخامس وعابدين والزمالك ومحرم بيك!

شكرا!

No comments:

Post a Comment