Sunday 7 October 2012

وافد

يبدو أنني من تلك القلة التي كُتب عليها أن تقودها مبادئها نحو ما يسميه العصر "مشاكل" التي ولد أغلب أهل العصر وهم "ملهومش فيها" وولدنا نحن باحثين عنها لا نرتاح إلا ولدينا مشكلتين تلاتة تؤرق نومنا كل يوم!
ولدت كما قد تعلمون في السعودية وفُرض علي أن أُسجل في سجلات الحضانة "أجنبيا" وهو شيء لم أكن سعيدا به كوني من أحفاد النبي، من آل البيت بمعنى أن حقي في أرض مكة والمدينة أكثر من حق عبد الله بن عبدالعزيز آل سعود ذات نفسه لكني تحملت هذه الإهانة إلى أن قالوا لي وأنا في مرحلة الانتقال من الإعدادية للثانوية: رمينا ملفك إنتا وأمثالك من الأجانب في مكتب الشمال وما نقلناها للقسم الثانوي في المجمع بشكل أوتوماتيكي مثل ما سوينا مع أولاد البلد السعوديين، لذلك روح خذ الملف ودور على مدرسة أيها الوغد الحقير!

حجم القهر في داخلي كان لا يوصف وبدأ احتمالي لإهانة أجنبي هذه يقل، من ستر ربنا أنني كنت في تلك الأيام مصابا بانفلونزا وكان العام ذاك عام ما سمي بـ"انفلونزا الخنازير" فكنت هادئا بَدَنِيًّا نوعا ومضت ثلاث أسابيع وأنا مشرد بلا مدرسة ومكتب الشمال يقول "ملفك ما جانا يا ولدي" وحين أوشكت على الانفجار اتصل مدير القسم المتوسط الأستاذ علي الحزنوي بوالدي وأخبره أنني تم نقل ملفي "بشكل خاص" للقسم الثانوي وكان ذلك مجهودا شخصيا من الأستاذ كونه قد صرح لي أكثر من مرة أنه معجب بإلقائي وروعته ولا يريدني أن أخرج من المجمع! وكأي إنسان معاصر لا يفكر إلا في نفسه قلت في سري (اللهم اخزيك ياشيطان) وبدأت عامي الدراسي بشكل عادي بعد أن شكرت للأستاذ عليٍّ أدبه وأخلاقه وكدزا!
وأنا عائد من مصر في يوم الخميس مساء في صيف عامي الدراسي الثاني في المرحلة الثانوية وقف ظابط الجوازات يراجع جواز سفر أمي الذي كنت ما أزال مضافا عليه حينها وقال: عبد المجيد بقاله تلات تيام مكمل ١٦ سنة! يعني لازم يكون باسبوره لوحده! واقتضى الأمر أن أجلس ثلاثة أشهر في مصر ومدرستي بدأت في جدة لأخرج بطاقة وشهادة ميلاد وباسبور وتأشيرة وما إلى ذلك الأمر الذي أثار حفيظتي من ناحية وطني الرسمي والذي كان لم يشهد بعد الثورة التي أزعم أني بذلك الشهر الذي قعَّدوني فيه أطلقت إحدى شراراتها!
ورحت المدرسة بعد كدة وعادي يعني!

حقي في التعلم كمواطن مصري بدون أي تمييز تكفله لي الدولة، الدولة التي نظرت لشهادتي القادمة من السعودية أنها "كُخة" فيجب أن يتأخر تقديمي في الجامعة حتى يكمل "ولاد البلد" تنسيقهم و"يِتْسَتِّفُوا" في كلياتهم وياخدوا واجبهم كمان! فها أنا ذا وقد مضى على الجامعيين ما مضى وهم في الجامعة أقف كالعواطلية بلا شغلة ولا مشغلة، لا جامعة تلم ولا كلية تضم!
قدمت في التنسيق الالكتروني وقدمت ملفي في مكتب التنسيق بالجامعة حين طالبوني وانتظرت نتيجتي كالمنتظرين وجاءت الشبكة تقول: لقد تم قبولك في كلية آداب اسكندرية، ولأن هناك من أضربوا عن العمل في جامعة الاسكندرية فلم يصل ملفي وها نحن في الأسبوع الثالث منذ صدور بطاقة الترشيح و "الملفات لسة ما وصلتش والله" كما يقول وكيل شؤون الطلبة! ولأني كما قد تلاحظون "غاوي إعلام" تقدمت في إختبار قسم الإعلام بالكلية التي زعم الموقع الالكتروني أني قُبلت فيها بعد أن أكد لي العاملون فيها أنني "أدفع بس الميت جنيه وخد الوصل وامتحن وهتخش لو نجحت" لكنهم قرروا بعد خوضي للامتحان ذاك أنني لاحق لي بمعرفة نتيجتي لأني "وافد" لم يصلهم ملفي بعد ولم يتأكدوا من مجموعي ولم يعرفوا بعد درجتي في العربي والانجليزي وحتى ذلك الحين علي أن "أنطزر" كما نصحني أحد الدكاترة جزاه الله خيرا!

في السعودية كانوا يتعاملون معي باحترام والله ورغم ما ذكرت في البداية إلا أنني أكن لهم كل احترام كون كثيرين منهم احترموني لشخصي دون أن تشكل جنسيتي فرقا معهم! وحين جئت هنا لم أشعر إلا أن "وافد" هذه سبة وأنهم لسبب ما يرونني كوافد لست من مستوى المتقدمين في الجامعات ولست من المؤهلين ليكونوا في قسم كقسم الإعلام "اللي بيدخلوه الدحيحة"!

أنا عبد المجيد، عضو في الإذاعة المدرسية من الصف الثاني الابتدائي، أكتب ما أقوله فيها من يوم دخلتها، حاصل على المركز الأول على جدة في الإلقاء، من ضمن ثلاث وفود طلابية خرجت من جدة في ملتقيات حوارية مختلفة، مقدم أول ملتقى حواري في جدة، اشتركت في مسابقة "الكلمة الحلوة" في قناة الرسالة وأنا في الصف الثاني المتوسط وحصلت على المركز السادس "ومأخدتش جايزتي"، بكتب شعر وخواطر وحاجات جميلة، خمسة من مقالاتي سُرقت وتنشرها المنتديات بأسماء مختلفة في مواسمها، أقرأ كل ما يقع تحت يدي، أجيد اللغة الانجليزية. هذه الأشياء كلها لا تنفع لأتقدم في وظيفة في قناة تلفزيونية ربما.. لكن من المؤكد أنها تصلح لأدخل جامعة!
لمن لم يقرأ بعدُ ما بين السطور: أنا وكل الوافدين من أبناء مصر لا نستحق قلة القيمة هذه! أبدا!

شكرا :)

No comments:

Post a Comment