Sunday 23 December 2012

لست منكم

يسير مجتمعنا جمعًا في قطيعٍ ضخم، قطيعٌ يتميز بقدرته الجبارة على التكيف مع كل أنواع التعذيب التي يعرضها له السيد الراعي، قطيعٌ مميزٌ يتغنى ليلَ نهارٍ بكونه تميز عن بقية الحيوانات التي خلقها الله بالعقل الذي يميز به بين الصواب والخطأ.
ذلك القطيع الذي يرغب بكل حواسه وغرائزه عن الظلم والغش والفساد والاستعباد والقهر والإستبداد ويرقى بكل حواسه لهذا العقل.. الذي نؤمن جميعا أنه أكرم ما فينا ولا يجب علينا أن نهينه ونحط من قدره بأي شكلٍ من الأشكال.
ليس قطيع غنم يهشه الراعي بعصاه يمنة ويسرة ويرضخ للظروف القاسية في سبيل أن يقتات على حشائش الأرض ولكن بطريقة ما يقوده راعي، وبطريقة أخرى يهشه يمنة ويسرة، وبطريقة ما يقتات على ما يعد حشائش نظرا لما يأكله فضيلة الراعي؛ لكن ليسوا غنمًا! إطلاقا!
قطيع الغنم يتميز عنهم بأنه يصدر صوتا واحدا لا صوت غيره يعبر به عن ألمه وحزنه وعدم رضاه وشبعه وجوعه وعطشه أما نحن فنختلف! قطيع مجتمعنا لا يصدر أي صوت، يسمح للجهات الرسمية أن تمسك بعقولنا وتمتص كل ذرة عقلٍ فيها حتى آخر قطرة ويسكت طمعا في أن يكون المستقبل أفضل فيسكت إن لم يشبع ويقول في نفسه أنه سيشبع غدا وإن لم يَسعَد يقول سنسعد لاحقًا وإن تألم يقول سنشفى بعد حين وإن لم يرضى يقول سنرضى يومًا ما! ولا يأتِي يومٌ ما في أي يومٍ من أيام الله فيسكت ويقول: عند الله!
نحن متميزون! بحقٍّ نحن متميزون! يجدر بنا أن نأخذ جائزة نوبل في التميز بمجرد خروجنا من منظومة الإفساد التي يوضع فيها كل فرد من أفراد مجتمعنا الحر الأبي.. الثائر!

هل عرفتم ما أقصد؟ في الحقيقة دائما أنشغل وأنا أكتب بفهمكم أيها السادة! هل سيفهمون ما أقصده بحديثي المبطن أم أنهم سيضحكون في مواضع السخرية ويكتفون بإبداء إعجابهم بالفكرة أو الطريقة أو الأطروحة وينطلقون كما هم.. غير مستوعبين لما أقصده وكل منهم يظن أنني أوافقه في الرأي ولا أختلف معه مطلقا؟ صدقا هل عرفتم ما أقصد؟
هل عرفتم أنني أقصد أن مجتمعنا يتعامل مع البشر على أنهم قطيع غنم يمكن للراعي أن يسوقه لأي مكانٍ شاء؟ هل فهمتم أن الراعي وغدٌ لا يفقه شيئا من دنيا أو دين؟ هل فهمتم أن عقلنا هذا بريء منا بعد كل ما فعلناه؟ هل عرفتم أننا حين نتحدث عن كرامتنا فوق الحيوانات نكون في وادٍ والكرامة في وادٍ آخر؟ هل تفتق ذهن أي منكم عن تلك التفاهات التي امتلأ عقله بها طوال حياته وقال في نفسه: (نعم! عقلي لم يفعل شيئا منذ مدة!)؟ هل فكر أي منكم في التعليم القذر؟ هل فكر أي منكم في منظومة قلة الأدب الجامحة المرتبة؟ هل ذهبتم بتفكيركم لتلك المرات التي رددتم فيها متسائلين: (الامتحان من فين لفين؟)؟ هل راحت عقولكم نحو المرات التي قلتم فيها: (أيوة!! ذاكرت!!)؟
هل رأيتم القطيع؟ هل فهمتم كيف العقل منهم براء؟ هل قلتم في أنفسكم أني قليل الأدب كوني أقول ما أقول؟ هل عرفتم عمن أتحدث؟ هل عرفتم من أنتم فعلا؟
أنا لست منهم!! وأمثالي كُثُر!

6 comments:

  1. صريحة وموجعة لمن يمتلكون الجرأة و الصراحة مع النفس

    ReplyDelete
    Replies
    1. لمن يمتلكون الجرأة!
      والصراحة!
      مع النفس!

      Delete
  2. إحنا ما نبغى إلا حريتنا وكرامتنا !
    متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا

    ReplyDelete
    Replies
    1. بالضبط! لكن في هذا الزمن طلبك للحرية يهدد أمن واستقرار الرؤوس الكبيرة فلا مجال لمنحك الحرية!
      خوفا على الرؤوس الكبيرة! أطال الله رقابهم!

      Delete
  3. الإعتراض علي الخطأ والظلم في حد ذاته مقبول ولكنكثرة الاعتراض لسبب ولغير سبب والذي يجر الأمة الي الهاوية هذا هو ما ليس مقبولا

    ReplyDelete
    Replies
    1. الاعتراض على الظلم والخطأ مقبول! وكثرة الإعراض مطلب إسلامي واجتماعي طالما الحال بهذا السوء وطالما الوضع بهذه القذارة.
      ما يجر الأمة للهاوية لايمكن أن يكون الاعتراض قل أم كثر وإنما تجد هذا الجرار متمثلا بوضوح في السكوت!

      Delete