Sunday 20 May 2012

ع البركة

العجيب في هذه الدنيا أنك يا عزيزي تعيش ملك زمانك مقتنعا بكونك حرا تملك اختياراتك بالكامل بينما يجب عليك عاجلا أم آجلا أن تقف دقيقة لتنظر حولك وتدرك حقيقة غريبة بالفعل! وهي أنك لا تملك القدرة على التحكم في أهم حدثين في حياتك.. بداية حياتك ونهايتها!
ولأصدقك القول فإن هذه الحقيقة تخيفني جدا وتجعلني دائم التساؤل ودائم الشكوى وتبرز ضعفي الشديد في المواقف الصعبة!

على أي حال.. لعلك يا فاضلي تعرف الآن حجم التطور الذي وصل له العلم لكن برغم هذا العلم الذي جعل الحكومتين المصرية والسعودية يعرفان من أنا وأين أسكن وماذا أريد "بحسب منطق البعض" فأنت لا تعلم من أنا ولا هم حتى إن عرفوا اسمي وجنسيتي ووظيفتي يعرفون من صدقا أنا! وهو شيء يجدر بك أن تحمد الله عليه، من أنت وما هي أسرارك وخباياك! أشياء تخصك وحدك ولا سلطة لأحد عليها! إلا الله وهي حقيقة أخرى يجدربك الانتباه لها.
اليوم يكون بيني وبين امتحانات نهاية العام لسنتي الدراسية الأخيرة كطالب مدرسة- أربعة أيام فقط! لا يمكنني وصف حجم القرف الذي كنت أعيشه على مدى اثنتي عشر سنة! متعايشا مع حقيقة أني يجب أن أدرس حتى أصبح دكتورًا وهو شيء لم أفهمه حقيقة! فأنا كنت أتساءل دائما لماذا لا أدرس لأصبح ممثلا وأسافر لهوليود وأمثل بشكل عادي جدا كأي ممثل؟ لماذا لا أدرس لأصبح مخرجا "أفلام برضه"؟ لماذا لا أدرس لأصبح سائق تاكسي؟ لماذا لا أدرس لأصبح أي داهيةٍ تانية؟ لماذا كانت المذاكرة والاجتهاد مرتبطتين دائما بالدكترة والهندسة وماسواهما يعتبر خيبة تقيلة وعار يجدر بالأهل أن يتبرقعوا خزيا منه؟ دعنا نركز على حقيقة أهم وهي أنني لا أدرس!
فعلا! أنا لا أدرس! منذ أن تخرجت من المرحلة المتوسطة ويتملكني شعور أني اكتفيت وأن كل دراسة بعد هذه الدراسة هي مضيعة لوقتي ولجهدي، حتى المناهج بدأت بالاستهبال! الرياضيات أصبحت خليطا من المعادلات الفيزيائية والكيميائية التي تزداد ثقتي يوما بعد يوم بأني لن أحتاج شيئا منها كمذيع أو كاتب أو ممثل أو مخرج! الأحياء كمادة ممتعة للاطلاع بدأت بتعريفنا على أبشع مافي الطبيعة وأغرب مافيها، فلا أعرف ماذا سأستفيد كمهندس مثلا إن عرفت أن الحوت يلد ولا يبيض؟ مالفائدة من معرفة الفطريات الزيجوتية والزقية "هذا اسم حقيقي"؟ ما الفائدة المرجوة من معرفة انتماء خيار البحر للحيوانات اللافقارية؟ حتى مادة الأدب العربي بدأت تأخذ مناحٍ متخلفة نجبر فيها على دراسة نصوص لشعراء كانوا يأكلون بألسنتهم بشعر يملؤ مديحا وإطراءً لا طاقة لبشري به! كتاب الانجليزي لم يجدوا شيئا يملؤوه به فتحدثوا عن نهضة القطارات في القرن الحادي والعشرين! 

وحضرتك متعجب لكوني لا أدرس!؟ لكن لا تقلق فأنا مدرك لكونك بدأت "تخاف" على مستقبلي المرهون بحسب ما تعتقده بشهادتي الثانوية، فأنا وبحمد الله أخترع طرقا أسلك بها من اختبارات الثانوية بسهولة ويسر! وبالرغم من ذلك فأنا أستمر في حرصي الدائم على أن لا أدرس لأن اعتقادي السائد أن ملء رأسي بقوانين الجا والجتا والتفاضل والتكامل لن ينفع أمتي "بصفتي" ولن ينفع القضية التي أحارب لأجلها من الصف الثاني الابتدائي فالقضية قضية رجل موهبته في لسانه لا حاجة له بتضييعها على هذه النظريات الرياضية الباهتة، لها ناسها وأهلها الكرام! وهم أشخاص كويسون حقيقة.


وفيما يتعلق بحضرتك ورغبتك الجامحة في فهم ما أريد الوصول له من هذا الحديث، أحب إعلامك أسفا أنك لن تصل لشيء ومن المرجح أيضا أن تكون أغلقت نافذة متصفحك الآن. 



ما أريد قوله هو.. هذه مساحتي الجديدة، المكان الذي سأعترض فيه على الدنيا كلها بصوت عالٍ وبأكبر بونط يسمح به جوجل. وبلون واحد! فلا تنتظر شيئا آخر!

2 comments:

  1. على بركةالله, اللهم افتح على عبدك ابواب الحكمة وسددقلمه للبر والخير ,واجعل مايكتبه حجة له لاحجة عليه, وانفع بسيل مدادهاالقارئ والناقل واجعله مباركا اين ما كان.
    لك التحية والتبجيل وكم هو رائع ان يسيل مداد قلمك بمقالات تعكس سعة الاطلاع, وسمو الهمة, وتحرر النفس بالرغم من صغرالسن .
    اعجبني في المقطع الاول اذ لفت الانتباه الى حقيقة لايدركها الكثير(الحرية) الا عشاقها وقليل ماهم اليوم .
    اولئك الذين قررو ان يستدركو مافاتهم في بداية حياتهم ,وقررو ان لايسمحو لاحد ان يتدخل في مابقي في حياتهم, الا انه وبارغم من الاردة, لم يستطيعو ان يتحكمو في نهاية حياتهم, والامثلة كثيرة. حقا انه امرمزعج للغاية,وقد تعلمنا ان الاسلام الحق جاء لاخراج الناس من عبودية العباد الى عبودية رب العباد, يعني التحررمن الخوف من الاخرين ,والذي يقتضي ان تعيش كما يريد الله ,ثم كما تريدانت, وان تمثلت بذالك في عالمنا اصبحت مصدرازعاج لهم وكنت مستهدفا لأنك قررت الخروج من عبوديتهم.
    اشرت الى معنى عميق سيدي احييك فقدرأيت الاضاءة.

    اما في مايتعلق بالدراسة, فبالرغم من ضعف المنهج وبالرغم من تدهور مستوى المعلمين, وسوء طريقة التعليم, التي باتت لاتنفع لعصرنا, وغير مواكبة لزماننا, الا ان فكرة تنوع المعطيات العلمية في رايي مهم جدا, لانه وكما تعلم :ان من انواع الابدع ايجادرابط لطرفين مختلفين ,فتنوع المعارف يكسبك شئ من القوة على اقل تقدير حتى تتخصص فمن رأيي تنوع المعارف مهم ,والمشكلة في القائمين على التعليم في عالمنا العربي
    ليستمر سيل حبرك لك التحية وسأكون بالجوار.
    محبك/محمدابراهيم

    ReplyDelete
  2. أستاذي أستاذي أستاذي! أنا آسف جدا على التأخير فيبدو أن المدونات في بداية إنشائها يقومون بتحويل الردود قبل نشرها ولم أنتبه لهذا الموضوع إلا الآن. أشكر حضورك بعنف أستاذي، بالنسبة لموضوع تنوع التعليم أنا أتفق مع حضرتك أنه مطلوب فهذا مما لاشك فيها لكن أن أستمر في هذه البعثرة حتى تنبت لحيتي فهذا ما لا أريده وهذا مالست مقتنعا به البتة، من المفترض أنه يريد أن يخرج متخصصا فما نفع كل هذه الهرتلات لشخص سيتخصص في جزء بسيط جدا منها؟ ثم النقطة التي تفضلت بها وهي أن القائمين على التعليم هم المشكلة العظمى هي نقطة أهم من كل ما ذكرتُ في مقالي الصغير. أشكر حضورك وأكرر اعتذاري!

    ReplyDelete